مرحباً بك بـيـن حكاياتي
في أواخر عام 2012م قرر الشاب الأمريكي Jason Sadler أن يبيع اسمه، بأن يُغير اسم أبيه لاسم أي شركة تريد شراءه، فأنزل إعلاناً في المزاد لأقرب مشتر آت.
الإعلان كان غريباً جداً وجذب انتباه بعض الشركات، وبعد مزايدات وتنافس باع Jason اسمه على شركة Headsets والتي اشترته بمبلغ 45,000 دولار ليصبح اسمه الجديد رسمياً Jason HeadsetsDotCom.
الشركة ليست حمقاء لصرف هذا المبلغ الطائل على رجل يريد بيع اسمه لأن أبوه طلق أمه وأراد التخلص من اسم أبيه انتقاماً، بل كان نجاحاً تسويقياً، فالجرائد ووسائل الإعلام وبرامج التواصل وغيرها تحدثت عن الموضوع، مما جعل اسم الشركة على ألسن الناس، وبالتالي تحسنت مبيعاتها عن السنة السابقة بمبلغ 250,000 دولار.
أما Jason عندما سُئل في أحد المقابلات التلفازية عن هذه الخطوة وأثرها على حياته قال إنه عندما تخلص من اسمه قد تخلص من أحزانه، فاسمه كان عذاباً نفسياً بالنسبة له.
أرجو أن تتأمل معي قليلاً وتفكر بتجرد... اسم الإنسان مجرد أحرف ترمز إليه، فهل من المعقول أن لها أثراً على مشاعره أو حتى شخصيته وحياته؟
هَبني شيئاً من وقتك أوضح لك بعض الحقائق...
إن أدمغتنا لا تنظر إلى أسمائنا على أنها مجرد أحرف، إنها تتعامل معها على أنها جزء من كياننا وهويتنا، ففي تجربة أقامها عالم الأعصاب السيد دنيس كارمودي Dennis Carmody وضع المشاركين في أجهزة أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ FMRI، ثم يتم مناداتهم مراراً وتكراراً بين الحينة والأخرى، وكانت النتيجة أن المشاركين كانوا إذا سمعوا أسماءهم تنشط في أدمغتهم المناطق المسؤولة عن الوعي وإدراك الذات، أي يمكنك القول إن الدماغ يدرك أن اسمك جزء منك تماماً كما هي يَدُك أو ملامح وجهك.
ولك أن تصدق أن يمكن -إلى حد كبير- تخمين اسمك من خلال ملامح وجهك، فقد نشرت المجلة العلمية Journal of Personality and Social Psychology بحثاً عام 2017م يتحدث عن ارتباط الاسم بالمظهر والشخصية.
حدد العلماء القائمين على تجارب البحث خمسة أسماء مختلفة، وجمعوا العديد من الصور الشخصية لأشخاص يحملون أحد تلك الأسماء الخمسة، ثم وضعوا الصور أمام المتطوعين للتجربة وطلبوا منهم أن يحددوا اسماً لكل صاحب صورة أمامهم من بين الأسماء الخمسة المتاحة لهم، ليروا هل من الممكن تمييز اسم الإنسان من مظهره فقط.
وكانت النتيجة أن المشاركين اختاروا 40% من الأسماء بشكل صحيح، وتم تكرار هذه التجربة بأكثر من دولة، وكان المتطوعون الفرنسيون ينجحون بشكل أفضل في تحديد أسماء صور الفرنسيين، وكذلك أبناء الكيان الصهيوني مع صور أبناء جلدتهم بدقة تصل إلى 60%.
ثم أدخل العلماء القائمين على التجربة صور مئة ألف إنسان على برنامج في الكمبيوتر، يحملون في مجملهم عشرة أسماء مختلفة، وبرمجوا خوارزمية تُـمكِّـن البرنامج من إيجاد رابط بين الاسم ومظهر الإنسان، ثم طلبوا من البرنامج أن يحدد أسماء صور أخرى عرضت له، واستطاع البرنامج أن يحدد أسماء 64% بشكل صحيح من خمسين ألف صورة أخرى عُرضت عليه، وهذه نسبة أكبر من أن تكون جيئت من قُبيل الصدفة، وهذا يؤكد -بشكل وثيق- أن هناك علاقة بين الإنسان وملامح وجهه.
وأشار تراثنا الإسلامي أن هناك ارتباط بين اسم الإنسان وشخصيته، فقديماً قال الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام: "إن لكل امرئ نصيب من اسمه"، وهذا ما أثبته العلم حقاً.
في دراسة مثيرة للاهتمام نُشرت عام 2007م بعنوان Moniker Maladies على مجموعة من طلبة الكليات في أمريكا، كان الطلبة الذين تبدأ أسماؤهم بـ A أو B يحصدون معدل درجات أفضل من الطلبة الذين تبدأ أسماؤهم بـC أو D، وأن الطلبة بأسماء تبدأ بـA وB كانوا مرشحين أكثر ليذهبوا إلى أفضل كليات الحقوق مقارنة ببقية الطلبة، و حرفي A و B إشارة إلى الامتياز والجيد جداً في النتيجة المدرسية.
وفي ذات الدراسة حلل القائمين على التجربة ضاربي البيسبول في آخر مئة سنة في أمريكا، ووجدوا أن الضاربين الذين تبدأ أسماؤهم بحرف K هم من أفضل الضاربين، وفي البيسبول K تشير إلى الضربة الناجحة.
وهذا يؤكد أن لاسمك نصيب من شخصيتك بل وحتى مهارتك وذكائك وتميزك الدراسي.
وفي دراسة أجرتها جامعةOldenburg الألمانية أكدت أن هناك أسماء تثير نفير الألمان ومنها بالدرجة الأولى كيفن، بينما حظيت أسماء أخرى باستحسان وقبول واسع لدى الألمان مثل ماكسيميليان.
وعندما سألوا المعلمين عن أسباب امتناعهم عن تسمية أولاده بـ"كيفن" وردت إجابات من قبل العديد منهم مؤكدين أن أغلب التلاميذ الذين يحملون هذا الاسم هم غير مهذبين وكسالى، ويشاركهم في ذلك عدد من أطباء الأسنان الذين قالوا أن كيفن يوحي بأن حامله هو شخص ذو أسنان مليئة بالتسوس.
ولا تتعجب لو قلت لك أن الألمان يكرهون اسم كيفن لأنه دلالة على الولد المشاكس في فيلم Home Alone والذي كان اسمه في الفيلم كيفن.
بينما ماكسيميليان هو اسم الامبراطور الروماني الذي حافظ على سلامة ألمانيا من الغزاة الفايكنغ في غابر التاريخ.
وفي دراسة لعالم الاجتماع السيد David Figlio أجراها على عدة طلبة في مدراس مدينة فلوريدا، وجد أن الطلبة الذكور الذين يحملون أسماء تصلح للذكور والاناث - مثل ضياء في اللغة العربية -، يتعرضون للتنمر وعادة ما يكون لديهم مشكلات سلوكية وعنف اتجاه بقية الطلبة وخاصة في مرحلة البلوغ، ولو كان هناك فتيات معهم في نفس الفصل يحملون ذات الاسم فإن الأمور غالباً ما تصبح أسوأ وأعنف، أي أن اسمك قد يكون سبباً لعقدك النفسية أيضاً.
كل هذه الدراسات وغيرها، تضع على عاتق الآباء والأمهات حُسن اختيار أسماء أبنائهم، ومن لم يكن لدى آبائهم الوعي الكافي لاختيار اسم ذو دلالة جيدة ومعنى رائع فليغيروها هم إن استطاعوا، ولقد ورد في الأحاديث الشريفة أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قد غَـيَّـرَ أسماء الكثير من المسلمين، ومثال ذلك أنه غير اسم عصية إلى زينب، ومن لم يستطع أن يغير اسمه فليحسن كنيته، فإن كان مثلاً اسمه عاصي فليكني نفسه بـ "أبو عبد الله"... وهكذا هلم جراً.
وبالنسبة لي ... فإن اسمي هاشم يعني من هَشَّم اللحم والثريد وقدمه لضيوفه، وهو دلالة على الكرم ومساعدة الضعيف، وأرجو أن أكون اسماً على مسمى... وأنت سيدي القارئ ما هو نصيبك من اسمك؟
Created with GoDaddy Arabic Website Builder