Blog Layout

تغيير السلوك .. ونظرية الصاروخ

في عام 1768م قاد المستكشف الإنجليزي جيمس كوك رحلة استكشافية استعمارية إلى "أستراليا" ، أعلنت فيها بريطانيا ملكيتها لهذه الأراضي الجديدة ونيتها لبناء مستعمرة هناك .
أستراليا كانت أرضاً قاحلة تقطنها بعض القبائل البدائية وتنتشر فيها الأفاعي والعقارب ، لذا لم يرغب البريطانيون بالهجرة إليها واستيطانها ... ولا تصح مستعمرة من دون سُكان يعمرونها ، وعلى ذلك فَـعَّلت بريطانيا الخطة باء وقررت إرسال كل المساجين إلى هناك بمختلف جرائمهم ، فحتى الذي يسرق قطعة خبز يتم ترحيله إليها !!! .
وكانت الحكومة البريطانية تدفع أموالاً لأصحاب السفن التجارية لنقل المساجين إلى هناك ، ويزداد المبلغ بازدياد عدد المساجين ، وهذا ما جعل مُلاك السفن يشعرون بالجشع ويحاولون نقل أكبر عدد ممكن .
السفن التي لا تتسع بالعادة لمئة مسافر كانت تحمل في جعبتها 300 سجين ، وهذا ما ترتب عليه وضع صحي كارثي نظراً لحجم الاكتظاظ وقلة الرعاية الصحية والمؤونة ، مما أسفر عنه وفاة الكثير من المساجين ، فمثلاً توفي في أحد السفن 111 سجين من أصل 300 !! .
امتعض واعترض عامة البريطانيون على هذا الإجرام الذي يمارسه قباطنة السفن بهؤلاء المستضعفين ، فتظاهروا ضدهم ، واستجابت الحكومة لهم وقررت منح مؤونة غذائية ودوائية إضافية للسفن كي يتم بذلها على المساجين .
إلا أن هذا لم يغير جشع القباطنة بل زادهم طمعاً ، وأصبحوا يحتفظون بالمؤونة لأنفسهم ، كي يبيعونها على قبائل أستراليا البدائية ، واستمر وفاة المساجين في الرحلات .
بريطانيا كانت تخشى على أرواح المساجين ... فهم من سيعمرون المستعمرات ، ووفاتهم ليس في مصلحتها إطلاقاً ، لذا قررت أن تتخذ نهج جديداً مع مُلاك السفن ، وأصبحت تدفع للقباطنة مبلغاً إضافياً لكل سجين يصل حياً ، وتخصم مبلغاً ضخماً من أجرة التوصيل نظير كل حالة وفاة تحدث على السفينة .
بعد تطبيق هذه السياسة انطلقت أول سفينة وعلى متنها 322 سجين ، لتصل إلى أستراليا ولم يمت منها إلا سجين واحد فقط .. وهذا تَحسن مذهل !! .
لقد عزفت الحكومة البريطانية على ذات الوتر الذي يغني به القباطنة ... ألا وهو حافز الربح ، وهذا خَـلَـقَ تغيراً جذرياً في سلوكهم الإجرامي الجشع ، وأصبحوا أكثر حرصاً على الأرواح .
سيدي القارئ ... أ تعرف آليةً كهذه تُغير من سلوك الآخرين ؟
أحياناً نحاول أن نغير السلوك بالوعظ والنصيحة وإيضاح الحقائق لكننا نفشل في ذلك ...
كم مرة قرأت أو سمعت نصيحةً أو إعلاناً يتحدث عن خطر استخدام الهاتف أثناء القيادة ؟ كثيراً أ ليس كذلك ؟
حسناً ... كم مرة استخدمت هاتفك أثناء القيادة هذا الأسبوع ؟ (حط عينك بعيني أشوف 😒)
أ رأيت ؟ نحن نعرف ما يتوجب علينا فعله ... لكن هناك فجوة بين معرفتنا وتطبيقها ، ومخطئ من ظن أن إعطاء النصيحة والمعلومة فقط سيغير من هذا السلوك جذرياً .
في أمريكاً مثلاً تنفق الحكومة سنوياً مبلغ 700,000,000 دولار على الحملات التوعوية لمحو الأمية المالية ، والتي تعني امتلاك الناس المعرفة والمهارة التي تخولهم من اتخاذ قرارات اقتصادية مدروسة وصحيحة ... فهل نفع ذلك ؟
في دراسة استقصائية قامت بها الحكومة مؤخراً تبين أن الذين قرأوا منشورات الحملات وحضروا ندواتها تعلموا بشكل جيد قواعد الاقتصاد ، إلا أن نسبة تطبيق ما تعلموه على واقعهم المعيشي هو 0.1% فقط .
إذن ... ما الوسيلة المثلى لتغيير السلوك ؟
إنها نظرية الصاروخ ...
لنفرض أن سلوكنا الحالي هو الأرض والسلوك المثالي الذي نتمنى الوصول إليه هو القمر ، ولديك صاروخ فضائي ... ما الذي يحتاجه الصاروخ كي يصل إلى هناك ؟
سيحتاج إلى الوقود الذي يدفع الصاروخ ، وتقليل مدى احتكاكه بالهواء لينطلق بسلاسة دون معوقات .
إن سلوك البشر لا ينبع من فراغ ، فالوقود الذي يحركهم نحو كل شيء هو "الرغبة أو الخوف" ، فإما رغبة في الحصول على المكافآت بمختلف أشكالها ، أو خوفاً من العقوبات بشتى أنواعها ، وهو ما يسميه العلماء بـ"الدوافع" .
ولو أردت تحريك سلوك أي إنسان نحو وجهة ما ، غذِّه بالوقود - الدافع - الذي سيحركه نحو الهدف ، فإما دافع إيجابي رغبة بكسب المكافآت ، أو دافع سلبي خوفٌ يتجنب به العقوبات .
فلو كان سلوكه بسبب دافع الرغبة بالمكافأة ، وأردت تغييره ، أخفه من العقوبة ، والعكس صحيح ، تماماً كما فعلت بريطانيا مع القباطنة المولعين بالربح ، أشعرتهم بالخوف من الخسارة .
وعلى هذا قس ما سواه ، وتأمل في كل سلوك تريد تغييره ، سواء سلوكك أو سلوك غيرك ، ستجد خلفه دافعاً ، وتغيير السلوك يكون من خلال تغذية الدافع .
ويمكننا تقسيم دوافع البشر إلى ثلاثة فئات ... وجميعها قد تكون سلبية أو إيجابية .
أولاً الدوافع الاقتصادية والمادية / وهي أكثر الدوافع تأثيراً على سلوك الإنسان ، وتأتي غالباً بصورة أموال وممتلكات مادية ومنافع ومُتعٍ ذاتية ، يحاول الإنسان اكتسابها أو تجنب خسارتها .
في الصين مثلاً كان العديد من الأطباء يحاولوا اقناع النساء بالولادة القيصرية - دون ضرورة طبية لذلك - كي يربحوا المزيد من الأموال ، لأن تكلفتها ضعف تكلفة الولادة الطبيعية ، بَـيـدَ أن ذلك أسفر عن حالات وفاة أو تشوهات للكثير من المواليد والأمهات .
هذا السلوك اللاإنساني الذي مارسه الأطباء منبعه الدافع المادي ، ولهذا قامت الحكومة الصينية بتوحيد سعر الولادة القيصرية والطبيعية ، مع عقوبة مالية مشددة لكل طبيب يقوم بعملية قيصرية دون ضرورة طبية .
وبالتالي تقلص عدد العمليات القيصرية بشكل مذهل حقاً .
ثانياً الدوافع الاجتماعية / وهي رغبتنا في أن نكون مقبولين ومحبوبين أكثر من قِبلِ الآخرين ، وبالتالي نقوم بالأعمال التي يحبذها المجتمع وتقربنا منهم ، ونتجنب السلوكيات التي ينزعج منها الناس وتنفرهم منا .
وهذا يُفسر لك لماذا يتغير شيء من سلوكنا إن كنا محاطين بالآخرين ، بل وكما يقول عالم النفس الاجتماعي السيد هاري سوليفان Harry Sullivan في نظريته الشهيرة "وهم الفردية" : إن الفرد يسلك السلوك الذي يتوقعه منه الآخرون ، وليس للفرد شخصية ثابتة ، بل هي متغيرة ، ولكل منا شخصيات كثيرة وسلوكيات مختلفة بحسب طبيعة العلاقة مع الآخرين وأهميتهم النفسية لدينا .
وفي دراسة بريطانية راقب القائمين عليها سلوك الناس ومدى حفاظهم على نظافة حديقة "هايد بارك" ، وكان غالبية الناس يميلون إلى المحافظة على نظافة الحديقة عندما يكون هناك أحد يجلس بالقرب منهم ، إلا أنهم يتهاونون بعض الشيء في نظافتها عندما يكونوا لوحدهم . (أعرف ناس لو الملكة إليزابيث قاعده يمه هم راح يزبل 😒)
ثالثاً الدوافع الأخلاقية / وهي رغبتنا في القيام بالفضائل والخيرات وتجنب الرذائل والشرور ، وعادة ما تكون هذه الدوافع مرتبطة بالدين الذي نؤمن به أو التربية التي نشأنا عليها ، فنسعى لنكون الصالحين وذوي الجنة ، ونتجنب أن نكون آثمين ومن أهل النار .
وتستطيع أن تقرأ التاريخ وترى كيف غَـيَّـر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله الكثير من السلوكيات المنحرفة في مجتمع الجزيرة العربية آنذاك ، كوأد البنات والربا والزنى وشرب الخمر وغيرها من السلوكيات المنحرفة ، عندما حببهم بالخير والأخلاق الحميدة مصرحاً : "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، بالإضافة لوعدهم بالجنة أو وعيدهم بالنار كُلاً بحسب فعله .
لننتقل إلى النقطة الأخرى من نظرية الصاروخ ... تقليل الاحتكاك ، وإليك هذه الواقعة .
كان هناك صيدلية أمريكية على الإنترنت توفر الدواء لأصحاب الأمراض المزمنة في مختلف الولايات الأمريكية ، وكل ما يجب على المرضى فعله هو التسجيل على موقع الصيدلية وإعطائهم صورة عن الوصفة الطبية ، فتقوم الصيدلية بتوصيل الدواء إلى منزل المريض كل ثلاثة أشهر .
تعاقدت الصيدلية مع شركة جديدة مختصة بأدوية الأمراض المزمنة ذات جودة أعلى وسعر أرخص من نظرائها ، وأرادت الصيدلية من المرضى أن يوافقوا على التغيير إلى الشركة الجديدة ... وفكرت بالدوافع الاقتصادية كوسيلة اقناع .
فأرسلت الصيدلية نموذجاً إلى مرضاها كي يكتبوا فيه موافقتهم على التغيير ثم يعيدوا إرساله بالبريد ، وستكون أدويتهم مجانية للأشهر الثلاثة القادمة .
يا له من عرض رائع وتوفير مميز !!
برأيك كم نسبة المرضى الذين كتبوا النموذج وأعادوا إرساله ؟
فقط 0.9% من المرضى !!!! ... لقد كان إحباطاً للقائمين على الصيدلية .
لذا قررت الصيدلية إرسال عرض مغري يجعل المرضى يتهافتون على التغيير ، وقالت لهم إن كتبتم الموافقة وأعدتم إرسالها ستكون أدويتكم مجانية لمدة عام كامل . 😍
الآن ... ما هو توقعك لنسبة المرضى الذين كتبوا موافقتهم ليحصلوا على هذا العرض ؟
8% فقط من المرضى فعلوا ذلك !! .
اتجه القائمون على الصيدلية إلى دكتور الاقتصاد السلوكي دان آريلي Dan Ariely ليجد لهم حلاً ، فهم طبقوا ما يقوله العلم " إذا أردت التغيير فلامس الدافع " ، وقدموا عرضاً رائعاً إلا أنه لم يجدي نفعاً . ( اي والله مصخره ما ينسكت عنها يا أبو آريلي 😜)
الدكتور دان آريلي وَضَّـحَ لهم أن المعضلة ليست في التوفير والدافع بل هي الفرق بين أن لا تقوم بشيء وتستمر في أخذ دوائك المعتاد بالسعر المعتاد ، وبين أن تقوم بشيء وتكتب الموافقة يدوياً وتعيد إرسالها بالبريد وبالتالي تحصل على التوفير .
وغالبية المرضى فضلوا منطقة الراحة وعدم القيام بشيء مقابل القيام بعدة أشياء للحصول على التوفير .
اقترح الدكتور آريلي على الصيدلية أن ترسل إلى مرضاها نموذجاً يحتوي خانتين إما الموافقة على الشركة الجديدة أو الاستمرار على القديمة ، وترفق معه رسالة مفادها "نرجو منكم كتابة النموذج أو سنضطر آسفين لوقف الدواء عنكم" .
وهنا اضطر المرضى للقيام بتعبئة النموذج كي لا يتوقف عنهم الدواء ، وبالتالي اختار 97% من المرضى التمتع بالعرض المجاني والانتقال إلى الشركة الجديدة . ( كفوووو ما يجيب إلا رجالها ... أبو آريلي 😜 )
الوقود الذي ضخته الصيدلية في الصاروخ في بادئ الأمر كان التوفير والعرض المجاني ، إلا أنه لم يصل إلى السلوك المطلوب لأنه كان هناك احتكاك ومقاومة المتمثلة في كتابة النموذج وإعادة إرساله .
أدمغة البشر مفطورة على الكسل ، وأحياناً يكون الاحتكاك والمتطلبات تفوق حجم الدافع وروعته ، وهو تماماً ما حدث مع عرض الصيدلية .
لذا إن أردت تغيير السلوك وائم بين قوة الدافع وصعوبة السلوك ، فلا يصح أن تطلب من ابنك الذي في عمر 10 سنوات مثلاً الاجتهاد في الدراسة والحصول على درجة الامتياز وتوعده بقطعة شوكولاتة كمكافأة على التفوق ، لكن جهاز play station 5 سيوفي بالغرض 😜.
فهم الدوافع يساعدك على فهم سلوك الإنسان ويشرح لك آلية تغييره ، وسواء كنت أباً وتريد تربية أبنائك ، أو كنت صاحب تجارة وتهدف سلوك الزبائن لمزيد من الربح ، أو غير ذلك ، كل ما عليك فعله هو فهم "الوقود والاحتكاك – الدافع والمتطلبات" وستصل بالسلوك للوجهة المطلوبة .
سيدي القارئ أرجو أن تجول بذاكرتك الآن ، وتتذكر كل سلوك تتمنى تغييره ، وتتأمل ملياً في دافعه وتفكر في كيفية تغييره ، لأني لا أتمنى أن تكون كلماتي كحملات التوعية الأمريكية التي لا فائدة منها 😜 .

بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٤ مايو ٢٠٢٤
ليست الطيور على أشكالها تقع دوماً، ستوقعك الحياة على طيورٍ لست تَعرِفها وأشكالٍ لا تـتقبلها، وترى نفسك رغم ذلك مجبوراً عليها... وها أنا رأيتني أخوض في حوار مع جارتني في الطائرة، امرأة بريطانية، رغم أنني لست ذلك الشخص الذي يهوى الانغماس في حوارات مع الغرباء، لكن ما أحبه شيء وما ستفرضه الحياة شيء آخر. بينما أنا غارق في تركيزي أقرأ كتاباً سألتني: "لماذا على غلافه صور للدماغ؟"، أجبتها: "لأنه يشرح طريقة تفكير الإنسان ولماذا يتعصب لأفكاره"، وليتني لم أقل ذلك.... شرعت تُحدثني عن جاراتها المتحيزات لأفكارهن، وبدأت تبث شكواها منهن وكأنه مكتوب على جبهتي "تفضل واشتك إليه الحياة". حاولت بلطف أن أنهي الحوار، ونصحتها بالنسخة الإنجليزية من الكتاب، ففيه كيفية التعامل معهن... إلا أنها واصلت الثرثرة واستمرت في النميمة، تـتحدث وتحاول أن تضع تفاصيلاً تظنها مثيرة للمستمع، بينما قلبي متملل تكاد تسمع شتائمه من خلف أضلاعه لولا باقية أدب حياء. وبعد أن مَـنَّ الله عليَّ بسكوتها... تسلل إلى ذهني سؤال "لماذا يثرثر الناس عن الناس ويمارسون النميمة؟!"، وهذا ما أود أن أحدثك عنه سيدي القارئ. في بادئ الأمر عليك أن تعرف أن النميمة تصرف بشري اجتماعي متأصل فينا. لو سألت أي إنسان عن النميمة (الحش)، فهو غالباً ما سيذمها ويعتبرها فعل سيء، لكن الجميع تقريباً يفعل ذلك، ففي دراسة للدكتورة آنا ماريوت Anna Marriott لاحظت ودرست فيها السلوك البشري، وجدت أن البشر يميلون بشدة للنميمة، فوفقاً للدراسة كان الذكور يقضون -في المتوسط- 55% من وقت حديثهم في النميمة، بينما النساء 67% -في المتوسط-. وفي بحث مميزة للدكتورة الرائعة Xiaozhe Peng نُشر عام 2015م، درست فيه من خلال أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (FMRI) أدمغة المتطوعين أثناء خوضهم في النميمة سواء بأصدقائهم أو بالمشاهير أو بالناس عموماً، وقد أظهرت الأشعة نشاطاً أكبر في قشرة الفص الجبهي من أدمغتهم، وهي ذات المنطقة التي تمنحنا القدرة على ممارسة السلوكيات الاجتماعية المعقدة والاندماج مع المجموعة. أي أن الدماغ يرى النميمة فعل يُقربك ممن حولك ويدمجك مع المجتمع، وعلقت الدكتورة Xiaozhe على هذه النقطة قائلة "إن النميمة مرتبطة برغبتنا في أن ينظر الآخرون إلينا بشكل جيد ويتقبلوننا فنتأقلم اجتماعياً، بصرف النظر عما إذا كان هذا سيتحقق فعلاً ويعكس ما نشعر به أو ينقلب السحر على الساحر وينظروا لنا بسوء". ولو استرجعت ذاكرتك سيدي القارئ في آخر حواراتك الشيّقة مع أصدقائك، لا شك أنك ستـتذكر أن من أمتع أجزاء حديثكم هو ذلك الجزء الذي تحدثتم فيه عن الآخرين... أليس كذلك يا حمامة السلام؟ 😁 والصدمة ليس فيما فات من البحث... مهلاً، كشفت أشعة الدماغ أن النواة المتكئة وبقية نظام المكافأة في الدماغ ينشط ويستجاب للنميمة -وبالأخص التي نتحدث فيها حول المشاهير-، بل كان نظام المكافأة في الدماغ ينشط أثناء النميمة أكثر مما ينشط في حال الاستماع لحديث الناس عنك بالخير. وإن كنت لا تعرف نظام المكافأة هذا... فهو ذات النظام الذي ينشط عند ممارستك الجنس أو أكلك لطعام لذيذ بعد جوع أو كسبك مبلغ من المال، وهنا الصدمة... هكذا يستلذ دماغك بالنميمة. ولكن صبراً... حتى وإن كانت النميمة متأصلة فينا فهذا لا يعني من قريب أو بعيد أنها تدل على الاستقرار النفسي أو أنها شيء طبيعي. أثبتت العديد من البحوث أن الأشخاص الذي يقضون جزءاً من محادثاتهم اليومية في النميمة -وبالأخص السلبية منها- يعانون بالفعل من تدني احترام الذات.... فليس هناك أتعس من أن يشغل المرء وقته ببؤس الآخرين. في دراسة لدكتورة علم النفس جيني كولي Jenny Cole طلبت من 140 مشاركاً كتابة وصف إيجابي أو سلبي حول شخصية عامة عرضتها عليهم، ثم قامت باختبارٍ وجلسةٍ نفسية لقياس مدى احترامهم لذواتهم، ورأت أن الأشخاص الذي كتبوا وصفاً سلبياً كانوا يعانون من احتقار للذات. وفي ذات الدراسة طلبت من 112 آخرين أن يكتبوا وصفاً عن شخص ما يعرفونه تماماً، ثم اختبرتهم نفسياً أيضاً، ورأت الدكتورة جيني أن الأشخاص الذي كتبوا نميمةً سلبية في أقاربهم أو أصدقائهم المقربون يعانون بشدة ملحوظة من تدني احترام الذات.... وهذا لا يدع مجالاً للشك بأن الخوض في النميمة مرتبط تماماً بتدني احترامنا لأنفسنا. أضف لذلك أن خوضك في النميمة -التي ستلتذ بها- قد يكون أحياناً محاولة لهروبك من نقاشات جدية عليك طرحها لحل مشاكلك العالقة. في دراسة لجامعة Northwestern University درس القائمون عليها أكثر من 100 من الأزواج، وخلصت الدراسة أن الأزواج الذين يميلون للتحدث عن الأزواج الآخرين وكيف يديرون حياتهم غالباً ما تكون حياتهم الزوجية سيئة تـتخلـلها العديد من الخلافات، وتكون هذه الحوارات طريقة لتجنب حوارات ستنتهي بالعصبية والقيل والقال والفشل في معالجة مشاكلهم الفعلية واختلاف وجهات نظرهم. وكما تقول السياسية الأمريكية البارزة إليانور روزفلت: "العقول العظيمة تُناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تتحدث عن الأحداث، والحمقى يتكلمون عن الأشخاص". ولكن ليس التحدث عن الآخرين سيء بشكل مطلق، فأحياناً تنبيه المجتمع من سوء أحدهم هو إصلاح وخير للمجتمع، كتوعية الناس من عمليات نصب مالي يقوم بها أحدهم مثلاً. بل قد تكون النميمة في أحدهم وسيلة لتوعيته ومحاولة لهدايته بعد أن يتم اقصاءه مجتمعياً ويرى كراهية الناس له نظراً لسلوكه المشين، ففي دراسة للبروفيسور ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg أحضر مجموعة من المشاركين للمختبر للقيام بلعبة ما، وتم تقسيم المشاركين لمجموعات، وفي اللعبة كان لدى كل واحد من أعضاء المجموعة مبلغ من المال، وإما يحتفظ به لنفسه أو يتبرع بجزء منه أو كله لصندوق المجموعة، التي إن خسرت اللعبة سيتبخر المال، وإن كسبت اللعبة سيتضاعـف المبلغ ثم يتم تقسيمه مرة أخرى بالتساوي على أعضاء المجموعة، ويستطيع كل فرد من المجموعة معرفة المبلغ الذي تبرع به الآخرون، ويستطيعون في كل مرة يلعبون بها القيام بتصويت وطرد فرد من المجموعة. كانت النميمة التي يقوم بها أفراد المجموعة قبل كل لعبة مفيدة إذ أنها وضحت للآخرين من هو الأناني وبالتالي نبذوه وصوتوا لطرده، ثم زاد التعاون والتضحية فيما بينهم وبالتالي كسبوا المزيد من المال. أضف لذلك أن الأنانيون الذي تم طردهم والحاقهم بمجموعة أخرى تغير سلوكهم وأصبحوا أكثر تعاوناً وتضحية للمجموعة الجديدة. وأرجو ألا يستغل الإنسان النمام هذه الدراسة عذراً لنميمته ويخرج بهيئة المصلح، فالله جل علاه يطلع على شخصيته ونيته الحقيقية لا التي ينظر لها الناس. وفي الإسلام عشرات الأحاديث التي تقدح في النمام وتـتوعده بالعقاب، فعن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتُبعد عن الله وعن الناس". ويقول عليه السلام في موضع آخر: "محرمة الجنة على العيابين المشائين بالنميمة". لذا قبل أن يخوض أحدهم في حديث سلبي عن الآخرين عليه أن يسأل نفسه بإنصاف وصدق/ هل ستساعد هذه النميمة الآخرين حقاً وتوعيهم ونيتي فيها الخير؟ هل أقوم بهذا الحديث بدافع الحقد أو الحسد أو العداء أو تسلية المستمعين ببؤس الآخرين؟ هل لا أملك خياراً آخر سوى النميمة؟ وهل هي ضرورية الآن؟ كيف سأشعر لو شارك أحدهم هذه المعلومات والحوارات عني أنا؟ والأجوبة ستدعوك لإكمال الثرثرة من عدمها، فـفن عدم النميمة الدال على احترام الذات هو الذكاء في معرفة متى يجب أن تشارك هذا الحوار ومع من ولماذا؟ والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. وليس هناك أروع من أن يترك الإنسان النميمة ويتحدث عن الأفكار.... مهلاً... كأني ابتدأت المقال بنميمة عن جارتي في الطائرة.... من الواضح أني لست حمامة سلام 😜، حسناً نيتي خيرة وأنتم لا تعلمون من هي. 😁
بقية المقالات
Share by: