Blog Layout

عَـمَّ السلام ... الحرب في دماغك فقط

هل تمتلك شيئاً تحمل معه الكثير من اللحظات والذكريات الجميلة؟ لو طلبنا منك بيعه... ما الثمن الذي تطلبه بالمقابل؟ وهل هو سعر عادل؟
في عام 1939م بدأت الحرب العالمية الثانية، والتي شاركت فيها إمبراطورية اليابان ضد أمريكا وحلفائها، ومن قرأ تاريخ الحرب يعلم تماماً أن اليابانيون متفانون لأقصى مدى في حب الوطن وتنفيذ الأوامر العسكرية، ككتيبة الطيارين "كاميكازي" والتي كانت تقوم بمهمات انتحارية ضد السفن الأمريكية.
أثناء اشتداد رحى الحرب الطاحنة عام 1942م التحق بالجيش الياباني شاب يُدعى "هيرو أونودا"، وخضع لتدريبات مكثفة ليكون ضابط مخابرات، وقد أثبت جدارته فيها. 
وفي عام 1944م استدعاه قائده، وأخبره بأنه سيهبط في إحدى جزر الفلبين مع بعض الجنود للقيام بأعمال تخريب هناك ضد الجيش الفلبيني والأمريكي المتمركزان فيها، وأوصاه بأن يتحمل المشقة وأن يبقى مختبئاً يتصيد الفرص لقتل الأعداء، وقال له بأن المهمة قد تستمر 5 سنين أو أكثر، ولكن مهما طالت فإن الجيش الياباني لا شك سينتصر وسيعود للبحث عنه وعن زملائه.
ما إن نزل "هيرو" وزملاؤه إلى الجزيرة تعرضوا لقصفٍ من الطيارات الأمريكية، فتبعثر الجنود ولم يبقى مع "هيرو" إلا ثلاثة، اختبئوا بالغابة وبدأوا القيام بكمائن للجيش الأمريكي كبدتهم خسائر في الأرواح والآليات الحربية.
بعد 9 أشهر من ذلك انتهت الحرب بإلقاء أمريكا القنبلة النووية على اليابان فأعلنت استسلامها، ونظراً لعدم وجود أدوات اتصالي لاسلكي مع "هيرو" لم يعلم وزملاؤه بذلك وواصلوا القتال.
رمي الأمريكيون منشورات في الجزيرة تقول (بأن الحرب انتهت... انزلوا من الجبال)، لكن "هيرو" ومن معه لم يصدقوها، فكيف لإمبراطور اليابان الذي لا يُقهر أن يخسر الحرب مع وجود جنود مضحين؟! واعتبروا المنشورات مجرد خدعة ستوقع بهم.
في نهاية عام 1945م ألقى الأمريكيون منشورات موقعة من جنرال الجيش الياباني تعطي الأمر لهؤلاء الجنود بإلقاء أسلحتهم، ولكنهم أيضاً لم يصدقوها واستمروا في القتال.
طلب الجيش الياباني من أقرباء "هيرو" وزملائه أن يكتبوا لهم رسائل على صور تذكارية ليضعوها لهم في الجزيرة كي يقنعوهم بانتهاء الحرب، إلا أن ذلك لم يجدي نفعاً أيضاً.
في عام 1949م وبعد انتهاء الحرب بأربع سنين، هرب أحد الجنود الثلاثة الذين برفقة "هيرو" من الغابة واستسلم إلى الجيش الفلبيني الذي عفى عنه وأرسله إلى اليابان، وطلبت منه السلطات هناك كتابة رسائل إلى زملائه تخبرهم بانتهاء الحرب، والتي لم تقنعهم أيضاً.
في عام 1954م عثرت دورية فلبينية على "هيرو" وزميليهِ ودار بينهم اشتباك عنيف أسفر عن قتل أحدهم، وبقى "هيرو" وزميله في أعماق الغابة يواصلان القتال يومياً دون هوادة، منتظرين من الجيش الياباني أن يأتي إلى جزيرة منتصراً كي يعود بهما إلى الوطن.
في عام 1972 أي بعد 27 عام من انتهاء الحرب كان "هيرو" وزميله يجهزان لحرق محصول الأرز في إحدى قرى الجزيرة، ففاجأهما الجيش الفلبيني وتبادلوا إطلاق النار الذي أسفر عن قتل زميل "هيرو" الأخير، وفَـرَّ هو إلى الغابة، وواصل القتال.
أرسلت السلطات اليابانية الكثير من البعثات بحثاً عن "هيرو" إلا أنها عادت خالية الوفاض، وفي عام 1974م ذهب شاب ياباني محب للطبيعة والتخييم إلى الجزيرة بحثاً عن "هيرو"، فعثر عليه وأقنعه بما آلت إليه الأمور والأحداث، إلا أن "هيرو" اشترط على الشاب أن يحضر له ضابطه السابق الذي أصدر له الأوامر عام 1944م كي يستسلم ويعود إلى اليابان.
وهذا ما حدث بالفعل، فالشاب عاد إلى اليابان بحثاً عن ذلك القائد، وبمساعدة السلطات اليابانية عثروا عليه، وكان حينها مجرد رجل عجوز يبيع الكتب، فلبس الضابط زيه العسكري وذهب إلى الجزيرة والتقى بـ"هيرو" وأمره أن يستسلم ويلقي سلاحه وسيفه ويعود إلى اليابان فقد انتهت الحرب.
أصيب "هيرو" بالذهول والخيبة .... أ هذا صحيح؟! هل خسرنا الحرب منذ ثلاثين عاماً؟! كيف يمكن أن تكونوا عاجزين إلى هذه الدرجة؟!
سـلَّـمَ نفسه إلى السلطات الفلبينية التي عفت عنه وأعادته إلى اليابان بعد 30 سنة من القتال والالتزام بالأوامر، فاستقبله الشعب استقبال الأبطال واحتفلوا به... إلا إنه كان محبطاً للغاية ولم يأبه لهم.

" هيرو أونودا" يسلم سيفه إلى حاكم الفلبين مستسلماً

كان "هيرو" مصدوماً من الشعب والامبراطور... كيف لهؤلاء الناس أن يتحالفوا اليوم مع أمريكا التي قتلت الآلاف من شعبهم؟ كيف لا يطلبون بثأرهم؟! هل كل تلك السنوات من التضحية كانت لهؤلاء الراضخين؟!

قرر "هيرو" ترك اليابان بمن فيها وهاجر إلى البرازيل واشترى مزرعة في أطراف الغابة، ولم يعد إلى اليابان إلا في الثمانينات كي يتزوج، وكان عمره حينها 62 عاماً، وتوفي عام 2014م عن عمر يناهز الـ91 عاماً. (هو تأخر اشوي بالزواج على ما كَـوَّن نفسه عرفت اشلون ... تبون تسألون عن ولدنا سألوا عنه بغابات الفلبين😜)

لماذا أصر "هيرو" على عدم الاستسلام ولم يقتنع بالمنشورات وكل المحاولات الأخرى؟ لماذا لم يتحمل اليابان وفَضل الهجرة ساخطاً؟

سأجيبك ... ولكن قبل ذلك إليك هذه التجربة .

في جامعة ديوك الأمريكية تعتبر كرة السلة أمراً بغاية الروعة، ويتمنى كل الطلبة الحصول على تذكرة لحضور إحدى مباريات فريق الجامعة في دوري الجامعات، ولكن الملعب لا يتسع لكل الطلبة، لذلك تقوم الجامعة بطقوس غريبة للطلبة الذين يجري في عروقهم الولاء المطلق للفريق.

تطلب الجامعة من الطلبةِ التخييمَ أمام الملعب لمدة 48 ساعة قبل المباراة، وفي أوقات متفرغة من تلك الساعات سيتم النفخ ببوق هوائي، وعلى كل راغب في التذكرة توثيق حضوره عند مشرفي التذاكر حينها، وإن لم يفعل ولو لمرة واحدة يُعتبر خارج السباق ولا يحصل على شيء... أي أن التذكرة تعني ترك كل مشاغل الحياة والتفرغ للتخييم أمام الملعب لمدة يومين.

وعادة ما يكون عدد الطلبة الملتزمين أكثر بكثير مما يسعه الملعب، لذلك تقوم الجامعة بعمل قرعة بين الطلبة، ويفوز من يفوز بالحظ.

في إحدى المباريات المهمة اتصل عالم الاقتصاد السلوكي الرائع دان آريلي بالطلبة الفائزين بالتذاكر وسألهم إن كانوا على استعداد لبيعها على زملائهم الذي بقوا معهم تلك المدة إلا أن الحظ لم يُحالفهم، وما هو السعر الذي يرغبون به بالمقابل؟

ثم اتصل على الطلبة الذين خذلهم الحظ وسألهم إن كانوا على استعداد لشرائها، وما هو السعر الذي قد يدفعوه من أجلها؟

 كان متوسط السعر الذي اشترطه الفائزون للبيع هو 2400 دولار، بينما الراغبين في الشراء كان متوسط ما هم على استعداد لدفعه هو 175 دولار فقط.

أصحاب التذاكر والراغبين في الشراء فكروا في المباراة بشكل متشابه، وضحوا بكل شيء لمدة يومين من أجلها، لذا فكلاهم يعرف قيمة المباراة ويتشاركون ذات الحماس لها، لكن لماذا كان هناك فجوة كبيرة بين السعر الذي يراه البائعون جيداً وبين السعر الآخر؟

الجواب -كما تفضل السيد آريلي- لأننا البشر نقع في حب الأشياء التي نمتلكها... هذه طبيعة فطرية، فنعطيها أكبر من قيمتها الحقيقية، وأدمغتنا التي تنظر للعالم من منظورها الخاص تتوقع من الآخرين أن يشاركوها ذات الرؤية، وأن ينظروا لجمال ما نملك بذات قَدر نظرتنا إليه... وهذا محال.

أضف إلى ذلك أننا عندما نريد بيع شيء نمتلكه فإن أدمغتنا تُركز على ما سنخسره أكثر مما سنكسبه، والخسارة إحساس مؤلم نحاول تغطيته بزيادة حجم الربح.

أصحاب التذاكر أحبوها جداً فور امتلاكهم إياها، واعتبروها شيئاً ساحراً باهض الثمن، وتوقعوا من البقية أن يروها كذلك، ثم إنهم ركزوا -في حال بيعهم إياها- على خسارة المتعة والشغف والأجواء الجماهرية الصاخبة التي كانوا سيحظون بها أكثر من تركيزهم على المال الذي سيتمتعون به.

أضف لذلك أن الشعور بالامتلاك ومحبة ما نملك يتأثر بمدى تعبنا ومساهمتنا في امتلاكه، فكلما زاد تعبك له زاد شعورك اتجاهه، وأصحاب التذاكر الذين خيموا يومين أمام الباب وقعوا في غرامها البتة، وسيطلبون ثمناً يليق بهذا الحب.

وعلى هذا قس ما سواه، فأنت لو كنت تمتلك لوحة بديعة وطُلب منك بيعها، فأنت غالباً ما ستتذكر تلك اللحظات التي تباهيت فيها أمام عائلتك باللوحة، وكلمات الإطراء التي سمعتها، والمشاعر الفياضة التي بقلبك اتجاهها نظراً لروعتها، والتي ستخسرها الآن بعد بيعك إياها، لذلك ستطلب سعراً مرتفعاً لأجلها... ولكنها حتماً لن تُباع بما تتمنى وستشعر بالإحباط.

والشعور بالامتلاك لا يقتصر على الأشياء المادية فقط... بل كذلك على الأفكار، فبمجرد أن تمتلك وجهة نظر حول شيء ما سواء في الدين أو السياسة أو حتى الرياضة ستحبها أكثر مما يجدر بك ذلك وتقدرها كثيراً، وتواجه صعوبة في التخلي عنها، حتى تكون متزمتاً لها دون أن تشعر.

بعد أن فهمت ذلك تأمل حال السيد "هيرو"... لقد قَـدَّم كل ما يملك لأجل الوطن حتى روحه، وفكرة التضحية والالتزام بالأوامر العسكرية مترسخة فيه، والعالم الذي كان يراه بعينيه هو عالم تنتصر فيه اليابان لا غير.

لم يكن سهلاً على نفسه بعد كل هذه التضحية أن يكون الخذلان ثمناً لما قدمه، وليس هيناً أن يتنازل عن فكرة التزامه، فأعماه ذلك عن الحقيقة وبقي عاكفاً عليها 30 عاماً... وعندما عاد إلى الأرض لم يتحمل الرضوخ وقرر الهجرة ممتعضاً.

ويمكنك تطبيق ذلك على كل مجالات الحياة....

مثلاً في علاقاتنا الاجتماعية مع الأقارب أو الأحبة نقدم لهم بعض التضحيات، ونبذل لأجلهم شيئاً مما نملك، ونتنازل لهم عن أفكار نحن مخلصين لها، وهذا ليس بالأمر الهين على النفس.

وكما تعلم سيدي القارئ فالعلاقات أخذ وعطاء، وعندما نقوم بذلك من أجل علاقتنا بهم فإننا نطلب منهم بالمقابل ثمناً على هيئة تضحية وتنازل واهتمام وحب وما أشبه، ولأننا نضخم قيمة ما نملك ونركز على ما خسرناه فغالباً سنطالبهم بأكثر مما نستحق في الواقع.

وكثيراً ما يشتكي الناس أن الآخرين لا يقدرون قيمة تضحياتهم، بينما الواقع -كما رأيت- أن الناس هم من يبالغون في قيمة ما يبذلونه لأجل الآخرين، وشعور الإحباط والخذلان الذي يشعرون به هم مسؤولون عنه تماماً.

إن فهمك لمبالغتك بحب الأشياء التي تمتلكها وتضخيمك لقيمتها وتركيزك على ما ستخسره أكثر مما ستربحه يجعلك أكثر واقعية في الحياة، سواء في معاملاتك التجارية أو تبني الأفكار أو علاقاتك الاجتماعية... وهذا ما سيعود على مشاعرك بالهدوء وسيرفع من جودة حياتك.

الخطأ الذي كلف السيد "هيرو" سنوات من العمر لن تُسترد هو مبالغته بإيمانه بأفكاره، وما جعله يترك وطنه هو الثمن الذي طلبه لقاء تضحيته ألا وهو النصر... وبالتالي ذهب عمره هباءً منثوراً.

سيدي القارئ...

تأمل في أفكارك التي تقاتل من أجلها... لعله قد عَـمَّ السلام والحرب في دماغك فقط.

تأمل في تضحياتك التي تقدمها للآخرين ثم ترفع سقف توقعاتك منهم... لعلها لا ترتقي إلى ذلك.

تأمل في الأشياء المطلوب منك التخلي عنها.... لعلك ستكسب منها أكثر بكثير مما ستخسر.

لا تخدع طبيعتك .... ما نمتلكه ليس بتلك العظمة.

بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٤ مايو ٢٠٢٤
ليست الطيور على أشكالها تقع دوماً، ستوقعك الحياة على طيورٍ لست تَعرِفها وأشكالٍ لا تـتقبلها، وترى نفسك رغم ذلك مجبوراً عليها... وها أنا رأيتني أخوض في حوار مع جارتني في الطائرة، امرأة بريطانية، رغم أنني لست ذلك الشخص الذي يهوى الانغماس في حوارات مع الغرباء، لكن ما أحبه شيء وما ستفرضه الحياة شيء آخر. بينما أنا غارق في تركيزي أقرأ كتاباً سألتني: "لماذا على غلافه صور للدماغ؟"، أجبتها: "لأنه يشرح طريقة تفكير الإنسان ولماذا يتعصب لأفكاره"، وليتني لم أقل ذلك.... شرعت تُحدثني عن جاراتها المتحيزات لأفكارهن، وبدأت تبث شكواها منهن وكأنه مكتوب على جبهتي "تفضل واشتك إليه الحياة". حاولت بلطف أن أنهي الحوار، ونصحتها بالنسخة الإنجليزية من الكتاب، ففيه كيفية التعامل معهن... إلا أنها واصلت الثرثرة واستمرت في النميمة، تـتحدث وتحاول أن تضع تفاصيلاً تظنها مثيرة للمستمع، بينما قلبي متملل تكاد تسمع شتائمه من خلف أضلاعه لولا باقية أدب حياء. وبعد أن مَـنَّ الله عليَّ بسكوتها... تسلل إلى ذهني سؤال "لماذا يثرثر الناس عن الناس ويمارسون النميمة؟!"، وهذا ما أود أن أحدثك عنه سيدي القارئ. في بادئ الأمر عليك أن تعرف أن النميمة تصرف بشري اجتماعي متأصل فينا. لو سألت أي إنسان عن النميمة (الحش)، فهو غالباً ما سيذمها ويعتبرها فعل سيء، لكن الجميع تقريباً يفعل ذلك، ففي دراسة للدكتورة آنا ماريوت Anna Marriott لاحظت ودرست فيها السلوك البشري، وجدت أن البشر يميلون بشدة للنميمة، فوفقاً للدراسة كان الذكور يقضون -في المتوسط- 55% من وقت حديثهم في النميمة، بينما النساء 67% -في المتوسط-. وفي بحث مميزة للدكتورة الرائعة Xiaozhe Peng نُشر عام 2015م، درست فيه من خلال أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (FMRI) أدمغة المتطوعين أثناء خوضهم في النميمة سواء بأصدقائهم أو بالمشاهير أو بالناس عموماً، وقد أظهرت الأشعة نشاطاً أكبر في قشرة الفص الجبهي من أدمغتهم، وهي ذات المنطقة التي تمنحنا القدرة على ممارسة السلوكيات الاجتماعية المعقدة والاندماج مع المجموعة. أي أن الدماغ يرى النميمة فعل يُقربك ممن حولك ويدمجك مع المجتمع، وعلقت الدكتورة Xiaozhe على هذه النقطة قائلة "إن النميمة مرتبطة برغبتنا في أن ينظر الآخرون إلينا بشكل جيد ويتقبلوننا فنتأقلم اجتماعياً، بصرف النظر عما إذا كان هذا سيتحقق فعلاً ويعكس ما نشعر به أو ينقلب السحر على الساحر وينظروا لنا بسوء". ولو استرجعت ذاكرتك سيدي القارئ في آخر حواراتك الشيّقة مع أصدقائك، لا شك أنك ستـتذكر أن من أمتع أجزاء حديثكم هو ذلك الجزء الذي تحدثتم فيه عن الآخرين... أليس كذلك يا حمامة السلام؟ 😁 والصدمة ليس فيما فات من البحث... مهلاً، كشفت أشعة الدماغ أن النواة المتكئة وبقية نظام المكافأة في الدماغ ينشط ويستجاب للنميمة -وبالأخص التي نتحدث فيها حول المشاهير-، بل كان نظام المكافأة في الدماغ ينشط أثناء النميمة أكثر مما ينشط في حال الاستماع لحديث الناس عنك بالخير. وإن كنت لا تعرف نظام المكافأة هذا... فهو ذات النظام الذي ينشط عند ممارستك الجنس أو أكلك لطعام لذيذ بعد جوع أو كسبك مبلغ من المال، وهنا الصدمة... هكذا يستلذ دماغك بالنميمة. ولكن صبراً... حتى وإن كانت النميمة متأصلة فينا فهذا لا يعني من قريب أو بعيد أنها تدل على الاستقرار النفسي أو أنها شيء طبيعي. أثبتت العديد من البحوث أن الأشخاص الذي يقضون جزءاً من محادثاتهم اليومية في النميمة -وبالأخص السلبية منها- يعانون بالفعل من تدني احترام الذات.... فليس هناك أتعس من أن يشغل المرء وقته ببؤس الآخرين. في دراسة لدكتورة علم النفس جيني كولي Jenny Cole طلبت من 140 مشاركاً كتابة وصف إيجابي أو سلبي حول شخصية عامة عرضتها عليهم، ثم قامت باختبارٍ وجلسةٍ نفسية لقياس مدى احترامهم لذواتهم، ورأت أن الأشخاص الذي كتبوا وصفاً سلبياً كانوا يعانون من احتقار للذات. وفي ذات الدراسة طلبت من 112 آخرين أن يكتبوا وصفاً عن شخص ما يعرفونه تماماً، ثم اختبرتهم نفسياً أيضاً، ورأت الدكتورة جيني أن الأشخاص الذي كتبوا نميمةً سلبية في أقاربهم أو أصدقائهم المقربون يعانون بشدة ملحوظة من تدني احترام الذات.... وهذا لا يدع مجالاً للشك بأن الخوض في النميمة مرتبط تماماً بتدني احترامنا لأنفسنا. أضف لذلك أن خوضك في النميمة -التي ستلتذ بها- قد يكون أحياناً محاولة لهروبك من نقاشات جدية عليك طرحها لحل مشاكلك العالقة. في دراسة لجامعة Northwestern University درس القائمون عليها أكثر من 100 من الأزواج، وخلصت الدراسة أن الأزواج الذين يميلون للتحدث عن الأزواج الآخرين وكيف يديرون حياتهم غالباً ما تكون حياتهم الزوجية سيئة تـتخلـلها العديد من الخلافات، وتكون هذه الحوارات طريقة لتجنب حوارات ستنتهي بالعصبية والقيل والقال والفشل في معالجة مشاكلهم الفعلية واختلاف وجهات نظرهم. وكما تقول السياسية الأمريكية البارزة إليانور روزفلت: "العقول العظيمة تُناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تتحدث عن الأحداث، والحمقى يتكلمون عن الأشخاص". ولكن ليس التحدث عن الآخرين سيء بشكل مطلق، فأحياناً تنبيه المجتمع من سوء أحدهم هو إصلاح وخير للمجتمع، كتوعية الناس من عمليات نصب مالي يقوم بها أحدهم مثلاً. بل قد تكون النميمة في أحدهم وسيلة لتوعيته ومحاولة لهدايته بعد أن يتم اقصاءه مجتمعياً ويرى كراهية الناس له نظراً لسلوكه المشين، ففي دراسة للبروفيسور ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg أحضر مجموعة من المشاركين للمختبر للقيام بلعبة ما، وتم تقسيم المشاركين لمجموعات، وفي اللعبة كان لدى كل واحد من أعضاء المجموعة مبلغ من المال، وإما يحتفظ به لنفسه أو يتبرع بجزء منه أو كله لصندوق المجموعة، التي إن خسرت اللعبة سيتبخر المال، وإن كسبت اللعبة سيتضاعـف المبلغ ثم يتم تقسيمه مرة أخرى بالتساوي على أعضاء المجموعة، ويستطيع كل فرد من المجموعة معرفة المبلغ الذي تبرع به الآخرون، ويستطيعون في كل مرة يلعبون بها القيام بتصويت وطرد فرد من المجموعة. كانت النميمة التي يقوم بها أفراد المجموعة قبل كل لعبة مفيدة إذ أنها وضحت للآخرين من هو الأناني وبالتالي نبذوه وصوتوا لطرده، ثم زاد التعاون والتضحية فيما بينهم وبالتالي كسبوا المزيد من المال. أضف لذلك أن الأنانيون الذي تم طردهم والحاقهم بمجموعة أخرى تغير سلوكهم وأصبحوا أكثر تعاوناً وتضحية للمجموعة الجديدة. وأرجو ألا يستغل الإنسان النمام هذه الدراسة عذراً لنميمته ويخرج بهيئة المصلح، فالله جل علاه يطلع على شخصيته ونيته الحقيقية لا التي ينظر لها الناس. وفي الإسلام عشرات الأحاديث التي تقدح في النمام وتـتوعده بالعقاب، فعن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتُبعد عن الله وعن الناس". ويقول عليه السلام في موضع آخر: "محرمة الجنة على العيابين المشائين بالنميمة". لذا قبل أن يخوض أحدهم في حديث سلبي عن الآخرين عليه أن يسأل نفسه بإنصاف وصدق/ هل ستساعد هذه النميمة الآخرين حقاً وتوعيهم ونيتي فيها الخير؟ هل أقوم بهذا الحديث بدافع الحقد أو الحسد أو العداء أو تسلية المستمعين ببؤس الآخرين؟ هل لا أملك خياراً آخر سوى النميمة؟ وهل هي ضرورية الآن؟ كيف سأشعر لو شارك أحدهم هذه المعلومات والحوارات عني أنا؟ والأجوبة ستدعوك لإكمال الثرثرة من عدمها، فـفن عدم النميمة الدال على احترام الذات هو الذكاء في معرفة متى يجب أن تشارك هذا الحوار ومع من ولماذا؟ والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. وليس هناك أروع من أن يترك الإنسان النميمة ويتحدث عن الأفكار.... مهلاً... كأني ابتدأت المقال بنميمة عن جارتي في الطائرة.... من الواضح أني لست حمامة سلام 😜، حسناً نيتي خيرة وأنتم لا تعلمون من هي. 😁
بقية المقالات
Share by: