Blog Layout

قبل أن تُنكدي عليه سيدتي

سيدتي القارئة ... لماذا بعض النساء يُنكدن على أزواجهن حياتهم بتعمد؟ (البعض يا حمامة السلام 😜) 
لست مهتماً بأخبار الفن... بَـيدَ أنَّ العالم أجمع يتحدث عن الفنانَين "جوني ديب" و"آمبر هيرد" وكيف كانت تُنكد عليه حاته، فخطر إلى ذهني هذا السؤال، وقبل الخوض في جوابه إليكِ هذه الحكاية.
في عام 1620م في إيطاليا ولدت فتاة تُدعى "جوليا"، وكانت شديدة الذكاء، ولكن من سوء حظها أنها تَـيـتَّمت في 13 من عمرها عندما حكمت السلطات على أمها بالإعدام لأنها قتلت والد جوليا بالسم لسوء معاملته لهما.
في تلك العصور المظلمة من التاريخ لم يكن الطلاق خياراً سهلاً للنساء، فالمرأة المطلقة كانت أكثر الكائنات اشمئزازاً في المجتمع وأشدها تعرضاً للظلم، لذلك تُفضل النساء أن يُصبحن أرامل ويتمتعن بورث أزواجهن على أن يصبحن مطلقات، وهذا ما قاد والدة جوليا لقتل زوجها، إلا أن التشريح كشف فعلتها وبالتالي أُعدمت.
درست جوليا الكيمياء وعملت في معمل لصناعة الأدوية، وتزوجها أحد الصيادلة، ورُزقت منه بطفلة، إلا أن زوجها كان لا يمنحهم الكثير من وقته وينهمك في العمل، وكلما عاتبته على ذلك انفجر في وجهها غاضباً... فقررت إنهاء حياته. (عائلة ما عندها أزعل وأروح بيت أهلي... يا تتسنع يا نذبحك 😜)
جوليا شديدة الذكاء بارعة في دمج المواد الكيميائية، لذا صنعت سماً لا يمكن اكتشافه من خلال التشريح، يتم سقيه للضحية على مدار أيام، فيموت تدريجياً، وقد جرعته لزوجها وقتلته، دون أن يتم كشفها.
أخذت جوليا ورثها وقامت بإنشاء معمل لصناعة مستحضرات التجميل، وصالون للنساء، والذي أتاح لها التعرف على الكثير من النساء اللاتي يأتين لها طلباً للزينة.
وكما تعلمين سيدتي القارئة... الصالون متسع لبث الشكوى، وكان بعض النساء يشتكين من حياتهن الزوجية لجوليا، سواء من الإهمال أو سوء المعاملة أو التعنيف، وكانت تتعاطف معهن وتتمنى أن يحظين بالراحة التي تنعم بها في ترملها، وأبت شهامتها إلا أن تساعدهن على التخلص من أزواجهن تسميماً.
صنعت جوليا سمها، ووضعته في علب مستحضرات التجميل، لتضعه النساء في غرف نومهن دون أن يثير الريبة.
لم يكن سماً ذا مذاق أو رائحة، لذا يسهل على المرأة أن تضع منه كل يوم قطرة في الماء أو الطعام لزوجها، ومن خلال 6 قطرات على مدار أيام سيموت معذباً والسم يمزق أحشاءه، بينما كل ما يظهر عليه من الخارج هو أعراض برد وزكام، وبالتالي تتنفس هواء الحرية وتتنعم بالترمل، وتمثل دور الحزينة دون أن يتم كشفها.
وخلال 20 سنة من العمل كـ Makeup Artist استطاعت جوليا اقناع الكثير من النساء أن يصبحن أرامل، وساعدت من خلال سُمِّها على قتل أكثر من 600 رجل لم يكونوا أزواجاً مثاليين لزوجاتهن.
في إحدى المرات شكت امرأة لجوليا من زوجها وقسوته وجفافه معها، فأقنعتها جوليا بقتله، فاشترت السم ووضعت منه قطرة في حسائه، إلا أنها في اللحظة الأخيرة بكت وطلبت منه ترك الحساء لأنه مسمم... وبالتالي انكشف أمر جوليا وأُلقي القبض عليها.
واعترفت خلال محاكمتها أنها ساعدت على قتل المئات من الرجال الذين لم يُكَوِّنوا علاقة أسرية جميلة.
نعم سيدتي المجتمعات اليوم أكثر إنسانية مما عليه في السابق، والطلاق حل يسهل على المرأة اتخاذه، بل قد يكون راحة نفسية لها، ولكن لماذا اختارت بعض النساء سابقاً قتل أزواجهن ويخترن أخريات اليوم تنكيد حياة أزواجهن بإصرار كما فعلت "آمبر"؟
لا شَـكَّ سيدتي أنك سمعتي يوماً عن العقل الباطن، والذي هو -وبكل بساطة- تكوينات عصبية موجودة في الدماغ لها أثر بالغ على شخصية الإنسان وسلوكه وغريزته الجنسية وحالته النفسية وخبراته الحياتية، والتي غالباً ما تؤثر فيه دون وعي منه في ذلك.
وهذا العقل يتدخل أحياناً -دون طلب منك- ليجد حلاً وسطاً لمشاكلك النفسية التي تُعكر صفو حياتك، فمثلاً إذا تحطمت نفسك أمام الاكتئاب وعجزت عن تغيير الواقع، سيقرر عقلك الباطن أن يريك الواقع بطريقته، فيخلق فيك كماً من الحيل والأوهام والتفسيرات الغير واقعية، والتي تجنبك الانهيار النفسي وإنهاء الحياة.
هذا التكتيكات الغير منطقية التي يخلقها العقل تُسمى "الآليات الدفاعية"، وهي عمليات لا شعورية تُعيد لك اتزانك العاطفي وتُخفف عنك وطأة المشاكل المعقدة والمشاعر الثقيلة، لكنها في أغلب الأحيان لا تقوم بعلاجها، بل ربما تُؤثر عليها سلباً.
إحدى تلك الآليات تُسمى النزوح (Displacement)، ويقوم فيها الإنسان بتحويل مشاعره السلبية من مصدرها الحقيقي إلى متلقي آخر أقل تهديداً أو أضعف منه.
فعلى سبيل المثال... قد يقوم المدير في العمل بتوبيخ الموظف ولومه على أخطاء اقترفها، فيشعر الموظف بالغضب والإحباط، بَــيــدَ أَنَّــه لا يستطيع تنفيس تلك المشاعر على مديره، فذلك لن يكون أمراً غير حكيم فحسب، بل قد يُكـلفه وظيفته أيضاً، فيقمع مشاعره الجياشة في صدره.
وعندما يذهب إلى المطعم في المساء يطلق العنان لما كبحه في صدره، فتراه يبالغ في نقد عاملي المطعم على خطئهم في تلبية طلبه أو سوء المذاق، دون أن يعي أن ردة فعله هذه ترتبت على ما حدث في الصباح.
وما إن تهدأ ثورة غضبه يكون أمام خِيارين... إما أن يشعر بالذنب لما فعله تجاههم، أو يُكمل العقل الباطن تكتيكاته فيخلق أعذاراً واهية تُؤكد له صحة فعله وغضبه عليهم فتخفف عليه تأنيب الضمير، وسيختار الإنسان ما يختار على حسب شخصيته ومبادئه.
والحياة كما ترين سيدتي ليست دزني لاند، ولسنا هنا كي نلهو فقط، إنه معترك يتطلب منا الكثير من الجهد، وأحياناً تستنزف الحياة كل ما في جعبتنا من صلابة نفسية وتبتزنا في ما تبقى لدينا من الصبر، فيضطر دماغنا إلى النزوح، وربما يكون الزوج متنفساً له.
تخيلي معي هذا السيناريو...
تقومين في الصباح على صوت منبه الساعة، والذي يُخبرك أنه قد حان وقت اقتلاع جسدك من الفراش والذهاب إلى العمل، ومع الازدحام وأغبى سائقي السيارات تصلين أخيراً.
وبعد يوم ثقيل على النفس من العمل وتحمل المسؤولين والمراجعين تعودين في الظهيرة إلى المنزل، ليستقبلك الأطفال بالبكاء والشكوى، وبين ذي وذا يا سيدة الطبقة الكادحة عليك طبخ الغداء لهم ولزوجك.
وبعد الانهماك في الطبخ ترين الأطباق والملابس وزوايا البيت كُـلٌ يناديك "إليَّ نظفيني"، يقول لك زوجك بنبرة يشوبها عدم الرضا "الأكل يخلو من الملح".
بربك سيدتي أين الـمِلاس!!!؟ ثبتيه في أم رأسه دون تردد... إنه يستحق ذلك. 😜
تنطلق بعدها أرواح النكد لتملأ المنزل فتقولين بالإسبانية "مو عاجبك خل أمك تطبخ لك"، وهلم جراً بعبارات يحشوها النكد، ليتحول بعدها حوار المذاق إلى شجار تُذكِّريه فيه بكل عيوبه.
 لم يكن مِلحاً على الإطلاق... كانت قلوباً مثقلة من ضغوط الحياة وجدت متنفساً فخرجت بهيئة عراك، ولم يكن سم النساء سخطاً على الزوج بل غضباً من مجتمع لا يسمح لها باختيار الطلاق فحولت غضبها إلى جريمة قتل.
هذا سيناريو من عشرات قد تحدث في الحياة... فغضبك من أم الزوج يُترجم إلى شجار معه، وسخطك من كثرة المسؤوليات رغم نعومة أظافرك يتحول إلى صراخ في وجهه، وامتعاضك من صديقتك الحسودة ينقلب إلى مزاج حاد برفقته... وعلى هذا قيسي ما سواه.
كلها أشياء ستخفف عنك ثقل المشاعر، لكنها على الصعيد الآخر تُدمر حياتك الزوجية، وللأسف وكما تشير الدراسات الإحصائية، فإن غالبية نزوح المتزوجين يحدث في إطار الأسرة... رجالاً ونساءً.
ولعل ضمير بعض النساء اللاتي ينكدن على أزواجهن يقول إنهم يستحقون المشاجرة وذلك النكد لما فعله في حينها، وهذه أعذار واهية، فليس هناك في العالم أي مبرر يدعوك لتخسري لطف أنوثتك أو جمال أخلاقك.
والدماغ يا سيدتي يقرر النكد ثم يضع المبررات المنطقية لما اختاره، بل قد يضع أعذاراً تبدو عقلانية للأشياء التي يظن أنه اختارها وهو لم يفعل في الواقع.... وإليك هذه التجربة.
في السويد وأثناء الانتخابات البرلمانية ينقسم الناس إلى مؤيدين للحزب اليساري أو الحزب اليميني ، ولكل من هاذين الحزبين أفكاره التي يدعو لها، وفي تلك المعمعة الانتخابية ذهب عالم النفس السويدي بيتر جوهونسون إلى الساحات العامة ليجري استطلاعاً للرأي .
وكان يُعطي الناس استبياناً يُعبروا فيه عن آرائهم بأفكار كل حزب، وبعد تـتمة الإجابات يقوم جوهونسون بخدعة وخفة يد ويغير بعض الإجابات إلى العكس تماماً دون أن ينتبه المشاركون للتغيير، ثم يناقشها معهم ليستوضح سبب اختيارهم لها.
انطلت الحيلة على 90% من المشاركين في الاستطلاع، أي عندما اختار البعض في الاستبيان أفكار الحزب اليميني، ثم سألوهم بعد التغيير لماذا اختاروا أفكار الحزب اليساري، برروا ذلك بأسباب منطقية رغم إنهم لم يختاروها أصلاً.
فمثلاً هناك سؤال في الاستبيان يقول: إن الحزب اليساري يُفضل توسيع دائرة الحكومة على مراقبة البريد الالكتروني والاتصالات، بينما اليميني يرفض هذه الفكرة، فإلى أي حزب تميل؟
أحد المشاركين اختار الحزب اليميني، وبعد الخدعة سألوه لماذا فضلت الحزب اليساري في المراقبة فقال: "حسناً من الصعب محاربة الجريمة، لذلك أعتقد أن المراقبة ضرورية، وإنني قرأت اليوم في الصحيفة أنهم يستطيعون التنصت على الهواتف التي في السجن، وهذا مفيد إذا حاول زعيم عصابة مواصلة الجريمة من الداخل، و رغم أن هذا الأمر فيه تضحية بالخصوصية إلا أن الأمر يستحق ذلك على المدى الطويل".
أ رأيتِ سيدتي؟ لم يكن اختياره أصلاً ولكن عندما أوهموه أنه كذلك حاول تبريره بكل منطقية.
كذلك النكد التي تقوم به بعض النساء، رغم كل الأسباب التي تبدو منطقية والتي قد يوهمنا العقل بها إلا إنها تبقى أسباباً واهية.
و"النزوح" ليس أمراً فطرياً نولد به، بل هو ما يتعلمه الدماغ مع مرور الأيام، فالطفل ذي الثلاثة سنين قد يصرخ على والديه لو شعر بالغضب منهم، بينما اليافع ذو 13 عام إن شعر بذلك سيُحوِّله إلى شجار مع شقيقه الأصغر أو زملاء المدرسة.
أي أن النزوح مهارة تعلمناها، وهذا يعني أنها أمر قابل للتوجيه، فمهارات العقل تُصقل بالتفكر.
على الإنسان أن يتفحص سلوكه دائماً ويُفكر بينه وبين نفسه بكل صدق إن كان ما يقوم به نزوحاً أم لا، فالأعذار التي نتذرع بها مجرد أوهام يطرحها العقل الباطن ليخفف عن صاحبها تأنيب ضمير مشاعر سلبية وضعها في غير موضعها، بينما من يريد إصلاح حياته وعيوبه حقاً لا بُـدَّ له من تهذيب نفسه وتبديد تبريراته.
فأرجوك سيدي القارئ وسيدتي المتفضلة بإكمالك للمقال قبل أن تنكدوا الحياة على نصفكم الآخر، تدبروا قليلاً في أفعالكم وحاولوا أن تُقوموها، فالأعذار لا تُبرر الوسيلة إطلاقاً... الأمر يحتاج مواجهة صادقة مع النفس.
وإن تكرار توبيخ النفس ومحاسبتها على نزوح مشاعرها السلبية يجعل الإنسان أكثر سيطرة على نفسه في قادم الأوقات، فتلك المرأة التي انفجرت بعد نقد مذاق طعامها، لو كانت تراقب سلوكها ونزوح مشاعرها كانت ستقول لزوجها أنها مرت بيوم ثقيل بدد كل طاقتها الذهنية وتركيزها، وأنها نست الملح لمعاناتها... وذلك حتماً أقرب لاستعطافه وتقديره لها.
أو لو انفجرت في وجهه ثم تفهمت خطأها واعتذرت منه وتأسفت سيكون أصلح لها في المستقبل.
وكُـلٌ من الرجال والنساء قادرين على تهذيب سلوكهم ووضع المشاعر السلبية في مواضعها لو راقبوا تصرفاتهم.
وأخيراً أقول إن بعض الزيجات وصلت إلى باب مؤصد ولا مفر لها من الطلاق، بَـيـدَ أن طرفيها يخافان من لوم المجتمع والاعتراف بالفشل وهي مشاعر ثقيلة، فيُحولان ذلك إلى سخط ينزاح ويتم تنفسيه على الطرف الآخر فتصبح الحياة جحيماً لا يُطاق.
إن فهم النزوح يجعل تلك الزيجات أقل ضراوة فيما بينها وبالتالي تختار إنهاء الحياة بسلام.
وبصراحة سيدتي أن جُد متأسف أني جعلت المقال موجه إلى النساء دون الرجال، لكني كنت قد قررت قبل أن تنطق المحكمة بحكمها على "آمبر" أن أجعل المقال موجه لجنس من يخسر في القضية، وعندما خسرت آمبر وجهته للنساء... فتقبلي اعتذاري.
وختاماً سادتي القُراء أتمنى لكم استقراراً نفسياً في علاقاتكم.

بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٤ مايو ٢٠٢٤
ليست الطيور على أشكالها تقع دوماً، ستوقعك الحياة على طيورٍ لست تَعرِفها وأشكالٍ لا تـتقبلها، وترى نفسك رغم ذلك مجبوراً عليها... وها أنا رأيتني أخوض في حوار مع جارتني في الطائرة، امرأة بريطانية، رغم أنني لست ذلك الشخص الذي يهوى الانغماس في حوارات مع الغرباء، لكن ما أحبه شيء وما ستفرضه الحياة شيء آخر. بينما أنا غارق في تركيزي أقرأ كتاباً سألتني: "لماذا على غلافه صور للدماغ؟"، أجبتها: "لأنه يشرح طريقة تفكير الإنسان ولماذا يتعصب لأفكاره"، وليتني لم أقل ذلك.... شرعت تُحدثني عن جاراتها المتحيزات لأفكارهن، وبدأت تبث شكواها منهن وكأنه مكتوب على جبهتي "تفضل واشتك إليه الحياة". حاولت بلطف أن أنهي الحوار، ونصحتها بالنسخة الإنجليزية من الكتاب، ففيه كيفية التعامل معهن... إلا أنها واصلت الثرثرة واستمرت في النميمة، تـتحدث وتحاول أن تضع تفاصيلاً تظنها مثيرة للمستمع، بينما قلبي متملل تكاد تسمع شتائمه من خلف أضلاعه لولا باقية أدب حياء. وبعد أن مَـنَّ الله عليَّ بسكوتها... تسلل إلى ذهني سؤال "لماذا يثرثر الناس عن الناس ويمارسون النميمة؟!"، وهذا ما أود أن أحدثك عنه سيدي القارئ. في بادئ الأمر عليك أن تعرف أن النميمة تصرف بشري اجتماعي متأصل فينا. لو سألت أي إنسان عن النميمة (الحش)، فهو غالباً ما سيذمها ويعتبرها فعل سيء، لكن الجميع تقريباً يفعل ذلك، ففي دراسة للدكتورة آنا ماريوت Anna Marriott لاحظت ودرست فيها السلوك البشري، وجدت أن البشر يميلون بشدة للنميمة، فوفقاً للدراسة كان الذكور يقضون -في المتوسط- 55% من وقت حديثهم في النميمة، بينما النساء 67% -في المتوسط-. وفي بحث مميزة للدكتورة الرائعة Xiaozhe Peng نُشر عام 2015م، درست فيه من خلال أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (FMRI) أدمغة المتطوعين أثناء خوضهم في النميمة سواء بأصدقائهم أو بالمشاهير أو بالناس عموماً، وقد أظهرت الأشعة نشاطاً أكبر في قشرة الفص الجبهي من أدمغتهم، وهي ذات المنطقة التي تمنحنا القدرة على ممارسة السلوكيات الاجتماعية المعقدة والاندماج مع المجموعة. أي أن الدماغ يرى النميمة فعل يُقربك ممن حولك ويدمجك مع المجتمع، وعلقت الدكتورة Xiaozhe على هذه النقطة قائلة "إن النميمة مرتبطة برغبتنا في أن ينظر الآخرون إلينا بشكل جيد ويتقبلوننا فنتأقلم اجتماعياً، بصرف النظر عما إذا كان هذا سيتحقق فعلاً ويعكس ما نشعر به أو ينقلب السحر على الساحر وينظروا لنا بسوء". ولو استرجعت ذاكرتك سيدي القارئ في آخر حواراتك الشيّقة مع أصدقائك، لا شك أنك ستـتذكر أن من أمتع أجزاء حديثكم هو ذلك الجزء الذي تحدثتم فيه عن الآخرين... أليس كذلك يا حمامة السلام؟ 😁 والصدمة ليس فيما فات من البحث... مهلاً، كشفت أشعة الدماغ أن النواة المتكئة وبقية نظام المكافأة في الدماغ ينشط ويستجاب للنميمة -وبالأخص التي نتحدث فيها حول المشاهير-، بل كان نظام المكافأة في الدماغ ينشط أثناء النميمة أكثر مما ينشط في حال الاستماع لحديث الناس عنك بالخير. وإن كنت لا تعرف نظام المكافأة هذا... فهو ذات النظام الذي ينشط عند ممارستك الجنس أو أكلك لطعام لذيذ بعد جوع أو كسبك مبلغ من المال، وهنا الصدمة... هكذا يستلذ دماغك بالنميمة. ولكن صبراً... حتى وإن كانت النميمة متأصلة فينا فهذا لا يعني من قريب أو بعيد أنها تدل على الاستقرار النفسي أو أنها شيء طبيعي. أثبتت العديد من البحوث أن الأشخاص الذي يقضون جزءاً من محادثاتهم اليومية في النميمة -وبالأخص السلبية منها- يعانون بالفعل من تدني احترام الذات.... فليس هناك أتعس من أن يشغل المرء وقته ببؤس الآخرين. في دراسة لدكتورة علم النفس جيني كولي Jenny Cole طلبت من 140 مشاركاً كتابة وصف إيجابي أو سلبي حول شخصية عامة عرضتها عليهم، ثم قامت باختبارٍ وجلسةٍ نفسية لقياس مدى احترامهم لذواتهم، ورأت أن الأشخاص الذي كتبوا وصفاً سلبياً كانوا يعانون من احتقار للذات. وفي ذات الدراسة طلبت من 112 آخرين أن يكتبوا وصفاً عن شخص ما يعرفونه تماماً، ثم اختبرتهم نفسياً أيضاً، ورأت الدكتورة جيني أن الأشخاص الذي كتبوا نميمةً سلبية في أقاربهم أو أصدقائهم المقربون يعانون بشدة ملحوظة من تدني احترام الذات.... وهذا لا يدع مجالاً للشك بأن الخوض في النميمة مرتبط تماماً بتدني احترامنا لأنفسنا. أضف لذلك أن خوضك في النميمة -التي ستلتذ بها- قد يكون أحياناً محاولة لهروبك من نقاشات جدية عليك طرحها لحل مشاكلك العالقة. في دراسة لجامعة Northwestern University درس القائمون عليها أكثر من 100 من الأزواج، وخلصت الدراسة أن الأزواج الذين يميلون للتحدث عن الأزواج الآخرين وكيف يديرون حياتهم غالباً ما تكون حياتهم الزوجية سيئة تـتخلـلها العديد من الخلافات، وتكون هذه الحوارات طريقة لتجنب حوارات ستنتهي بالعصبية والقيل والقال والفشل في معالجة مشاكلهم الفعلية واختلاف وجهات نظرهم. وكما تقول السياسية الأمريكية البارزة إليانور روزفلت: "العقول العظيمة تُناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تتحدث عن الأحداث، والحمقى يتكلمون عن الأشخاص". ولكن ليس التحدث عن الآخرين سيء بشكل مطلق، فأحياناً تنبيه المجتمع من سوء أحدهم هو إصلاح وخير للمجتمع، كتوعية الناس من عمليات نصب مالي يقوم بها أحدهم مثلاً. بل قد تكون النميمة في أحدهم وسيلة لتوعيته ومحاولة لهدايته بعد أن يتم اقصاءه مجتمعياً ويرى كراهية الناس له نظراً لسلوكه المشين، ففي دراسة للبروفيسور ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg أحضر مجموعة من المشاركين للمختبر للقيام بلعبة ما، وتم تقسيم المشاركين لمجموعات، وفي اللعبة كان لدى كل واحد من أعضاء المجموعة مبلغ من المال، وإما يحتفظ به لنفسه أو يتبرع بجزء منه أو كله لصندوق المجموعة، التي إن خسرت اللعبة سيتبخر المال، وإن كسبت اللعبة سيتضاعـف المبلغ ثم يتم تقسيمه مرة أخرى بالتساوي على أعضاء المجموعة، ويستطيع كل فرد من المجموعة معرفة المبلغ الذي تبرع به الآخرون، ويستطيعون في كل مرة يلعبون بها القيام بتصويت وطرد فرد من المجموعة. كانت النميمة التي يقوم بها أفراد المجموعة قبل كل لعبة مفيدة إذ أنها وضحت للآخرين من هو الأناني وبالتالي نبذوه وصوتوا لطرده، ثم زاد التعاون والتضحية فيما بينهم وبالتالي كسبوا المزيد من المال. أضف لذلك أن الأنانيون الذي تم طردهم والحاقهم بمجموعة أخرى تغير سلوكهم وأصبحوا أكثر تعاوناً وتضحية للمجموعة الجديدة. وأرجو ألا يستغل الإنسان النمام هذه الدراسة عذراً لنميمته ويخرج بهيئة المصلح، فالله جل علاه يطلع على شخصيته ونيته الحقيقية لا التي ينظر لها الناس. وفي الإسلام عشرات الأحاديث التي تقدح في النمام وتـتوعده بالعقاب، فعن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتُبعد عن الله وعن الناس". ويقول عليه السلام في موضع آخر: "محرمة الجنة على العيابين المشائين بالنميمة". لذا قبل أن يخوض أحدهم في حديث سلبي عن الآخرين عليه أن يسأل نفسه بإنصاف وصدق/ هل ستساعد هذه النميمة الآخرين حقاً وتوعيهم ونيتي فيها الخير؟ هل أقوم بهذا الحديث بدافع الحقد أو الحسد أو العداء أو تسلية المستمعين ببؤس الآخرين؟ هل لا أملك خياراً آخر سوى النميمة؟ وهل هي ضرورية الآن؟ كيف سأشعر لو شارك أحدهم هذه المعلومات والحوارات عني أنا؟ والأجوبة ستدعوك لإكمال الثرثرة من عدمها، فـفن عدم النميمة الدال على احترام الذات هو الذكاء في معرفة متى يجب أن تشارك هذا الحوار ومع من ولماذا؟ والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. وليس هناك أروع من أن يترك الإنسان النميمة ويتحدث عن الأفكار.... مهلاً... كأني ابتدأت المقال بنميمة عن جارتي في الطائرة.... من الواضح أني لست حمامة سلام 😜، حسناً نيتي خيرة وأنتم لا تعلمون من هي. 😁
بقية المقالات
Share by: