Blog Layout

أدمغتنا تُسوف

مرحباً سيدي القارئ ... هل هناك واجبات وأعمال مطلوب منك القيام بها لكنك أجلتها وجلست لتقرأ هذا المقال؟
سواء كنت متيماً في الفن أم لم تكن ... لا شَـكَّ أنك سمعت يوماً بـ"ليوناردو دافنشي" ، وابداعاته الرائعة "العشاء الأخير" و"الموناليزا" وغيرها ، ولعله يتبادر إلى ذهنك أن هذا الرائع كان لا يتخلى عن فرشاته ويداه ملطختان بالألوان ويقضي الساعات بالرسم والتلوين .
وآسف لإحباطك لكنه لم يكن كذلك ، بل كان يُؤجل الكثير من أعماله ، مشتت التركيز لا يُحسن إكمال شيء ، فرغم أن ليوناردو بدأ العمل في الفن منذ مطلع شبابه وتوفي بعمر يناهز الـ67 إلا أنه لم يُنجز في حياته سوى 15 عملاً فنياً فقط !!!
فمثلاً عندما تعاقدت معه كنيسة لرسم لوحة "عذراءٌ على الصخور Virgin on the Rocks" طلب منه القساوسة أن يُسلم اللوحة بعد سبعة أشهر بأقصى حد ، لتُعرض في عيد ذكرى حمل السيدة العذراء عليها السلام ، إلا أنه تأخر قليلاً عن الموعد .... وسَلَّم اللوحة بعد 25 سنة فقط . ( ما أدري ليش زعلو منه ... يعني عشان تأخر عليكم 24 سنه وخمس شهور كبرتوا الموضوع ؟ يعني الواحد ما ينشغل !! 😛)
وفي جداريته الرائعة "العشاء الأخير" تعاقدت معه كنيسة سانتا ماريا في ميلانو لرسمها خلال شهر فهي مجرد رسم جانبي لغرفة طعام الرهبان ، والحمد لله كان ملتزماً بعض الشيء في الوقت وأتم رسمها بعد ثلاثة سنوات . ( وأمي تزعل إذا تأخرت عليها 4 ساعات ... تعالي شوفي ليوناردو حجيه 😒)
ويقول الراهب والكاتب ماتيو بانديلو في وصف ليوناردو أثناء عمله على تلك الجدارية :
"كان يصل إلى الكنيسة ويصعد إلى السقالة لبدء العمل ، في بعض الأحيان كان يعمل ويرسم دون توقف حتى للأكل أو الشرب .... لكنه - في أوقات كثيرة أخرى - كان يمضي يومين أو ثلاثة أو أربعة أيام دون أن يلمس فرشاته .... و رأيته أيضاً يأتي إلى الكنيسة ويصعد إلى السقالة ويلتقط فرشاته ويضرب ضربة واحدة أو اثنتين ثم يبتعد مرة أخرى ."
أما أشهر لوحاته "الموناليزا" فإن أحد تجار الحرير طلب من ليوناردو رسم زوجته " ليزا جوكوندو" احتفالاً بشرائهم لبيت جديد في إيطاليا ، ورغم صغر اللوحة ( 77 سم × 53 سم ) إلا أنه استمر في رسمها 19 عاماً ثم مات ولم يكملها ولم يُسلمها إلى التاجر ، واحتفظ بها ملك فرنسا في قصره لينتهي بها المطاف اليوم في متحف اللوفر في باريس . ( 19 سنه !!! تطلقوا وجرجرها بمحاكم الأسرة وأنت للحين ما عطيته اللوحة 😒)
مات ليوناردو وترك خلفه عشرات الأعمال الغير مكتملة ، والتي اضطر أصحابها إلى الاستعانة بفنانين آخرين لإكمالها كلوحة "تمجيد المجوس ليسوع The Adoration of the Magi" .
ليوناردو كان يعلم تماماً أنه لو أنجز أعماله في وقتها فإنه سيكسب المزيد من المال وسينجز العديد من اللوحات الأخرى وسيملئ التاريخ إبداعاً ، إلا إنه - وبكامل إرادته - كان يُؤجل أعماله لسنين طويلة دون عذر حقيقي يمنعه من ذلك ، وكما ينقل المؤرخ الإيطالي جورج فازاري أن ليوناردو عندما كان على فراش الموت طلب من البابا التوبة لأنه على حد تعبيره : "قد أساء إلى الله والبشر بفشله في ممارسة فنه مثلما كان يتوجب عليه أن يفعل" .
فلماذا فعل ذلك ؟! ولماذا نحن أيضاً نؤجل قيامنا ببعض الأعمال التي نعلم تمام العلم بأن قيامها سينصب في مصلحتنا وتركها سيُسبب لنا المتاعب ؟ أ ليس الإنسان بطبيعته العاقلة يسعى خلف مصلحته ؟
كما تعلم أن هذا التصرف يُسمى "التسويف" ، والذي يُعرِّفه عالم النفس وليام كناوس Wiliams Knaus بأنه : الانشغال والتشتت الذي يسبق قيامنا بمهامنا الرئيسية المراد إنجازها ، مقنعين أنفسنا بإمكانية تأجيل إنجازها إلى وقت لاحق ، والذي ينتج عنه ضياع الوقت وعدم إنجاز المهام .
ولا شك سيدي أنك تدرك الآثار السلبية للتسويف بعد أن يُطبق الوقت خناقه ، فالقلق والتوتر والشعور بالذنب يخيمون حينها على دماغ المسوف ، أو يُعرضه للتوبيخ والاستنقاص على أقل تقدير ، ناهيك عن كونه سبباً للفشل في المهام الوظيفية أو الدراسية ، وهذا ما ينتج عنه في نهاية المطاف الإصابة بالاكتئاب ... لكننا مستمرون في القيام به .
لست أنا وأنت فقط ... بل العالم أجمع يُسوِّف ، إنها طبيعة بشرية ، ففي دراسة إحصائية لدكتور علم النفس - المختص في مجال التسويف - بيرس ستيل Piers Steel أجراها على الآلاف من طلاب الجامعات ، رأى السيد ستيل أن 90% من الطلبة يعانون من التسويف في حياتهم الأكاديمية ، وغالباً ما يخسرون هدوءهم النفسي بسبب ضيق الوقت عند المذاكرة للامتحانات أو تسليم البحوث وما أشبه .
والتسويف لا يعني بالضرورة ترك أعمالٍ مرهقةٍ ثم الاسترخاء والانبطاح على الكنبة لمشاهدة الأفلام مثلاً ، بل يكون أحياناً بترك أشياء تحبها والانهماك في أنشطة أخرى قد تكون أثقل منها لكنها ليست ذا أولوية .
ولا تعتقد سيدي القارئ أننا نُسوِّف الأعمال بشكل عشوائي ، بل إننا في الحقيقة نُسوِّف أعمالاً محددة ، وأولها هي أعمال عادية سهلة إلا أنها تثمر نتائجها بعد فترة من الزمن ، إذ لا تحصل على مكافأة فورية لدى القيام بها ، ولا يترتب عليها أيضاً عقاب لحظي عند إهمالها .
أما ثانيها فهي أعمال حساسة مطلوب منا أن نثبت جدارتنا في أدائها وقد يعتمد تقييمنا على إنجازها .
وأظنك يا سيدي تنتظر الآن أنك أكتب لك حلاً للتسويف ... حسناً لنؤجل ذلك إلى الأسبوع القادم 😌 . ( لا تخز 😅 ترى دافنشي أَجَّــل 25 سنة وعادي حطو رسوماته بالمتحف 😒 )
يبدأ الحل يا سيدي من فهم لماذا نحن البشر نُسوف أصلاً .
في بحث أجرته مجموعة من علماء النفس البيولوجي من جامعة Ruhr Bochum الألمانية ، تفحص العلماء عن طريق جهاز الأشعة الدماغية FMRI دماغ 264 شخص ، ولاحظوا أن الأشخاص الذين يعانون من التسويف تكون اللوزة الدماغية amygdala لديهم نشطة أكثر من الأشخاص الذين لا يُعانون من ذلك .
والوظيفة الأساسية للَّوزة الدماغية هي تحديد المخاوف التي قد يتعرض لها الإنسان وتهدد حياته أو تقلل من جودتها ... وهذا يعني باختصار أن الخوف أحد أبرز الأسباب التي تدعو الإنسان للتسويف .
ولأن الإنسان يخاف من الفشل في الأعمال التي سيتم تقييمه عليها تراه يُماطل في تأديتها ، فيُؤخرها دون عذر حقيقي لذلك ، وحتى إذ ما كَـشَّـر الوقت عن أنيابه يداهم الإنسان خوف آخر وهو الخسارة أو التوبيخ مثلاً فيضطر إلى تأدية الأعمال المعلقة .
ويخاف الإنسان أحياناً من مواجهة أو الاعتراف بمحدودية قدراته وبساطتها ، فتراه مثلاً يُسوِّف المذاكرة لآخر يوم قبل الاختبار ، فإذا ما فشل في حصد درجات مرضية يرمي بالمسببات على ضيق الوقت وليس على قدراته الذهنية المتواضعة ... فالاعتراف بتدني القدرات أمر يتطلب شجاعة نفسية كبيرة .
والأمر لا يقف عند اللوزة الدماغية ، ففي بحث عن علم الأعصاب والتسويف يقول الدكتور "ستيورات لانغفيلد Stuart Langfield" : أن الجهاز الحوفي في الدماغ limbic system والذي يسعى وراء المتع الفورية ويتجنب الألم يعمل بسرعة كبيرة جداً ، بحيث يتعذر على القشرة الأمامية الجبهية العقلانية – المسؤولة عن التدبر والمنطق – اللحاق به ومواكبة اندفاعاته ... إنها معركة بين الغريزة والعقل ، لذلك عندما نسوِّف نخدع أنفسنا أحياناً بحجج واهية كي لا نخرج بمظهر الحمقى بيننا وبين أنفسنا .
وهذا أيضاً يعني بكل بساطة أن أدمغتنا مصممة للتلذذ بالمتع الفورية أكثر من كونها تعمل لأهداف بعيدة المدى ، لذلك عندما يتعين علينا القيام بمهام تحصد نتائجها بعد تكرارها كثيراً على مدار أيام وشهور كالمذاكرة أو الرياضة فإن أدمغتنا تميل إلى تسويفها وتـتجه إلى متع فورية أخرى كتصفح البرامج الاجتماعية أو اللعب .
وفي دراسة للدكتورة Wenwen Zhang وزملائها نُشرت في مجلة Nature العلمية ، لاحظ القائمون على التجربة ضعف نشاط مناطق من الفص الجبهي مسؤولة عن التعبير عن الذات واحترامها .
ولكي لا أُدخلك سيدي القارئ في دهاليز الأعصاب يمكننا القول ببساطة أن الأشخاص الذين لا يتوقعون الكثير من أنفسهم أو يستحقرونها يعانون من التسويف ، فيقينهم بضعف قدراتهم وفشلهم يدعوهم لتأجيل العمل ، فالحافز الذي يقودهم للعمل هش جدا لا يدفعهم إلى التحدي وإثبات ذواتهم .
ولعل المسوف عندما يقرأ ما سبق يقول في قرارة نفسه إنه رائع ومنتج لولا لوزته الدماغية وجهازه الحوفي ... ولكن ليس هكذا تورد الإبل يا عمرو .
إن أدمغتنا قابلة للتكيف والتغير والتعايش مع الواقع المحيط بها ، وفي دراسة من جامعة ستوكهولم السويدية أظهرت أن الأشخاص الذين اتبعوا النصائح – التي سأسردها عليك – لمدة 10 أيام فقط تغير نشاط لوزتهم الدماغية وجهازهم الحوفي ، وتحسن أداءهم في مشكلة التسويف ... فإليك تلك النصائح .
1- لا تفعل شيئاً
قبل أن تبدأ بأي عمل قمت بتأجيله لا تفعل أي شيء ، لا تتصفح البرامج الاجتماعية أو تشاهد التلفاز أو تقرأ كتاب ، فقط اجلس واسرح بخيالك في العمل الذي تريد القيام به ، فإن هناك حداً لكمية المعلومات من العالم الخارجي التي يمكن لأدمغتنا معالجتها في جلسة واحدة ، وعند امتلاء أماكن المعالجة في الدماغ فإن نظام الانتباه يتدخل ويتخذ قرار بشأن ما سيركز عليه .. وحتماً لن يكون ما قمت بتسويفه ، فأنت أجلته أصلاً لثقله على دماغك .
2- قَـسِّـم المهمة المطلوبة إلى أجزاء محدودة
المهام الكبيرة تُشعرنا بالخوف واحتمالية الفشل ، والدماغ لن يتحمل تخصيص وقت طويل لها ... فهو يريد المتع الفورية ، لذلك قَـسِّـم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة ، ولكل مهمة وقت بسيط مخصص ، وبعد انتهاء كل قسم خُذ قسطاً من الراحة .
وعندما تنجز كل جزء يسير منها ستشعر بلذة الإنجاز والثقة بالنفس وستتشجع للقيام ببقية الأجزاء ، وأرجوك أن لا تصبح مثالياً وتحاول القيام بالأمور التي سَوَّفتها جرعة واحدة ... دماغك غير مصمم لذلك ، والتغيير الحقيقي ليس درامياً ... إنه خطوة بسيطة تعقب خطوة .
3- العالم ليس وردياً ... إنه تراجيديا
العالم يا سيدي ليس مكاناً مثالياً ، ونحن لسنا آلات ، والأمور التي نُسوفها كثر ، فلا تفكر الآن بالقيام بكل الأشياء التي سوفتها ، الحياة ليس إنتاجاً فقط ... لدينا مشاعر وطاقة نفسية محدودة ومصاعب ومشاكل و و و ، لذلك أرجو أن تختار شيئاً واحداً للقيام به و دع البقية ليوم آخر .
وكما يقول مارك توين : لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد إن كان بإمكانك تأجيله لبعد الغد .
وهذه ليست نصيحة سلبية .. إنها فقط واقعية .
4- الأحبة
صدق أو لا تصدق .... الأحبة حلاً !! ، وكما يقول سيغموند فرويد : كم يكون المرء شجاعاً عندما يتأكد من أنه محبوب .
قد نقلل من قدراتنا ، ونبخس حق أنفسنا ، ونخاف من المواجهة ، ولكن الإنسان عندما يتأكد من كونه محبوباً يصبح شجاعاً فيتلاشى كل ذلك ، أضف لذلك أن الأحبة يعززون من ثقتنا في أنفسنا وقدراتها ، لذلك عندما تريد القيام بأمر سوفته كثيراً ناقشه بكل صراحة مع من تحب ... إن دعمهم النفسي سيقودك لذلك . ( إذا كنت تحب نسرة وتحبطك .... أهو دأني لو فلحت 😛)
وختاماً سيدي القارئ أقول ... لا تُقيم نفسك وفقاً لمقدار إنتاجيتك ، فالحياة والعمل شيء وروحك شيء آخر ، قد يراك الناس الذين انغمسوا في ماديات الحياة أنك قليل الإنتاج فاشل ، لكن روحك أجمل بكثير من وصفهم.
فحتى ليوناردو دافنشي لم أختره كمثال عبثاً ... فهذا المسوف الذي نعته كل أهل زمانه بالمهمل الكسول ، هو اليوم يتربع على عرش عصر النهضة الأوربية .. وسيخلد التاريخ اسمه رغم أنوفهم .
لا تكتئب الحياة ليست إنتاجاً فقط . ( بس قوم سو الشغل الي أنت مأجله أنا مو كاتب مقال عشان حضرتك تتربع وتقعد وما تقوم تسوي شي ... يلا قوووووووووم 😒 )

بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٤ مايو ٢٠٢٤
ليست الطيور على أشكالها تقع دوماً، ستوقعك الحياة على طيورٍ لست تَعرِفها وأشكالٍ لا تـتقبلها، وترى نفسك رغم ذلك مجبوراً عليها... وها أنا رأيتني أخوض في حوار مع جارتني في الطائرة، امرأة بريطانية، رغم أنني لست ذلك الشخص الذي يهوى الانغماس في حوارات مع الغرباء، لكن ما أحبه شيء وما ستفرضه الحياة شيء آخر. بينما أنا غارق في تركيزي أقرأ كتاباً سألتني: "لماذا على غلافه صور للدماغ؟"، أجبتها: "لأنه يشرح طريقة تفكير الإنسان ولماذا يتعصب لأفكاره"، وليتني لم أقل ذلك.... شرعت تُحدثني عن جاراتها المتحيزات لأفكارهن، وبدأت تبث شكواها منهن وكأنه مكتوب على جبهتي "تفضل واشتك إليه الحياة". حاولت بلطف أن أنهي الحوار، ونصحتها بالنسخة الإنجليزية من الكتاب، ففيه كيفية التعامل معهن... إلا أنها واصلت الثرثرة واستمرت في النميمة، تـتحدث وتحاول أن تضع تفاصيلاً تظنها مثيرة للمستمع، بينما قلبي متملل تكاد تسمع شتائمه من خلف أضلاعه لولا باقية أدب حياء. وبعد أن مَـنَّ الله عليَّ بسكوتها... تسلل إلى ذهني سؤال "لماذا يثرثر الناس عن الناس ويمارسون النميمة؟!"، وهذا ما أود أن أحدثك عنه سيدي القارئ. في بادئ الأمر عليك أن تعرف أن النميمة تصرف بشري اجتماعي متأصل فينا. لو سألت أي إنسان عن النميمة (الحش)، فهو غالباً ما سيذمها ويعتبرها فعل سيء، لكن الجميع تقريباً يفعل ذلك، ففي دراسة للدكتورة آنا ماريوت Anna Marriott لاحظت ودرست فيها السلوك البشري، وجدت أن البشر يميلون بشدة للنميمة، فوفقاً للدراسة كان الذكور يقضون -في المتوسط- 55% من وقت حديثهم في النميمة، بينما النساء 67% -في المتوسط-. وفي بحث مميزة للدكتورة الرائعة Xiaozhe Peng نُشر عام 2015م، درست فيه من خلال أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (FMRI) أدمغة المتطوعين أثناء خوضهم في النميمة سواء بأصدقائهم أو بالمشاهير أو بالناس عموماً، وقد أظهرت الأشعة نشاطاً أكبر في قشرة الفص الجبهي من أدمغتهم، وهي ذات المنطقة التي تمنحنا القدرة على ممارسة السلوكيات الاجتماعية المعقدة والاندماج مع المجموعة. أي أن الدماغ يرى النميمة فعل يُقربك ممن حولك ويدمجك مع المجتمع، وعلقت الدكتورة Xiaozhe على هذه النقطة قائلة "إن النميمة مرتبطة برغبتنا في أن ينظر الآخرون إلينا بشكل جيد ويتقبلوننا فنتأقلم اجتماعياً، بصرف النظر عما إذا كان هذا سيتحقق فعلاً ويعكس ما نشعر به أو ينقلب السحر على الساحر وينظروا لنا بسوء". ولو استرجعت ذاكرتك سيدي القارئ في آخر حواراتك الشيّقة مع أصدقائك، لا شك أنك ستـتذكر أن من أمتع أجزاء حديثكم هو ذلك الجزء الذي تحدثتم فيه عن الآخرين... أليس كذلك يا حمامة السلام؟ 😁 والصدمة ليس فيما فات من البحث... مهلاً، كشفت أشعة الدماغ أن النواة المتكئة وبقية نظام المكافأة في الدماغ ينشط ويستجاب للنميمة -وبالأخص التي نتحدث فيها حول المشاهير-، بل كان نظام المكافأة في الدماغ ينشط أثناء النميمة أكثر مما ينشط في حال الاستماع لحديث الناس عنك بالخير. وإن كنت لا تعرف نظام المكافأة هذا... فهو ذات النظام الذي ينشط عند ممارستك الجنس أو أكلك لطعام لذيذ بعد جوع أو كسبك مبلغ من المال، وهنا الصدمة... هكذا يستلذ دماغك بالنميمة. ولكن صبراً... حتى وإن كانت النميمة متأصلة فينا فهذا لا يعني من قريب أو بعيد أنها تدل على الاستقرار النفسي أو أنها شيء طبيعي. أثبتت العديد من البحوث أن الأشخاص الذي يقضون جزءاً من محادثاتهم اليومية في النميمة -وبالأخص السلبية منها- يعانون بالفعل من تدني احترام الذات.... فليس هناك أتعس من أن يشغل المرء وقته ببؤس الآخرين. في دراسة لدكتورة علم النفس جيني كولي Jenny Cole طلبت من 140 مشاركاً كتابة وصف إيجابي أو سلبي حول شخصية عامة عرضتها عليهم، ثم قامت باختبارٍ وجلسةٍ نفسية لقياس مدى احترامهم لذواتهم، ورأت أن الأشخاص الذي كتبوا وصفاً سلبياً كانوا يعانون من احتقار للذات. وفي ذات الدراسة طلبت من 112 آخرين أن يكتبوا وصفاً عن شخص ما يعرفونه تماماً، ثم اختبرتهم نفسياً أيضاً، ورأت الدكتورة جيني أن الأشخاص الذي كتبوا نميمةً سلبية في أقاربهم أو أصدقائهم المقربون يعانون بشدة ملحوظة من تدني احترام الذات.... وهذا لا يدع مجالاً للشك بأن الخوض في النميمة مرتبط تماماً بتدني احترامنا لأنفسنا. أضف لذلك أن خوضك في النميمة -التي ستلتذ بها- قد يكون أحياناً محاولة لهروبك من نقاشات جدية عليك طرحها لحل مشاكلك العالقة. في دراسة لجامعة Northwestern University درس القائمون عليها أكثر من 100 من الأزواج، وخلصت الدراسة أن الأزواج الذين يميلون للتحدث عن الأزواج الآخرين وكيف يديرون حياتهم غالباً ما تكون حياتهم الزوجية سيئة تـتخلـلها العديد من الخلافات، وتكون هذه الحوارات طريقة لتجنب حوارات ستنتهي بالعصبية والقيل والقال والفشل في معالجة مشاكلهم الفعلية واختلاف وجهات نظرهم. وكما تقول السياسية الأمريكية البارزة إليانور روزفلت: "العقول العظيمة تُناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تتحدث عن الأحداث، والحمقى يتكلمون عن الأشخاص". ولكن ليس التحدث عن الآخرين سيء بشكل مطلق، فأحياناً تنبيه المجتمع من سوء أحدهم هو إصلاح وخير للمجتمع، كتوعية الناس من عمليات نصب مالي يقوم بها أحدهم مثلاً. بل قد تكون النميمة في أحدهم وسيلة لتوعيته ومحاولة لهدايته بعد أن يتم اقصاءه مجتمعياً ويرى كراهية الناس له نظراً لسلوكه المشين، ففي دراسة للبروفيسور ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg أحضر مجموعة من المشاركين للمختبر للقيام بلعبة ما، وتم تقسيم المشاركين لمجموعات، وفي اللعبة كان لدى كل واحد من أعضاء المجموعة مبلغ من المال، وإما يحتفظ به لنفسه أو يتبرع بجزء منه أو كله لصندوق المجموعة، التي إن خسرت اللعبة سيتبخر المال، وإن كسبت اللعبة سيتضاعـف المبلغ ثم يتم تقسيمه مرة أخرى بالتساوي على أعضاء المجموعة، ويستطيع كل فرد من المجموعة معرفة المبلغ الذي تبرع به الآخرون، ويستطيعون في كل مرة يلعبون بها القيام بتصويت وطرد فرد من المجموعة. كانت النميمة التي يقوم بها أفراد المجموعة قبل كل لعبة مفيدة إذ أنها وضحت للآخرين من هو الأناني وبالتالي نبذوه وصوتوا لطرده، ثم زاد التعاون والتضحية فيما بينهم وبالتالي كسبوا المزيد من المال. أضف لذلك أن الأنانيون الذي تم طردهم والحاقهم بمجموعة أخرى تغير سلوكهم وأصبحوا أكثر تعاوناً وتضحية للمجموعة الجديدة. وأرجو ألا يستغل الإنسان النمام هذه الدراسة عذراً لنميمته ويخرج بهيئة المصلح، فالله جل علاه يطلع على شخصيته ونيته الحقيقية لا التي ينظر لها الناس. وفي الإسلام عشرات الأحاديث التي تقدح في النمام وتـتوعده بالعقاب، فعن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتُبعد عن الله وعن الناس". ويقول عليه السلام في موضع آخر: "محرمة الجنة على العيابين المشائين بالنميمة". لذا قبل أن يخوض أحدهم في حديث سلبي عن الآخرين عليه أن يسأل نفسه بإنصاف وصدق/ هل ستساعد هذه النميمة الآخرين حقاً وتوعيهم ونيتي فيها الخير؟ هل أقوم بهذا الحديث بدافع الحقد أو الحسد أو العداء أو تسلية المستمعين ببؤس الآخرين؟ هل لا أملك خياراً آخر سوى النميمة؟ وهل هي ضرورية الآن؟ كيف سأشعر لو شارك أحدهم هذه المعلومات والحوارات عني أنا؟ والأجوبة ستدعوك لإكمال الثرثرة من عدمها، فـفن عدم النميمة الدال على احترام الذات هو الذكاء في معرفة متى يجب أن تشارك هذا الحوار ومع من ولماذا؟ والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. وليس هناك أروع من أن يترك الإنسان النميمة ويتحدث عن الأفكار.... مهلاً... كأني ابتدأت المقال بنميمة عن جارتي في الطائرة.... من الواضح أني لست حمامة سلام 😜، حسناً نيتي خيرة وأنتم لا تعلمون من هي. 😁
بقية المقالات
Share by: