Blog Layout

حوار ميلوس ... وهم الأمل

بين عام 431 إلى عام 404 قبل الميلاد نشبت حرب طاحنة بين "أثينا" وحلفائها من جهة وبين "أسبرطة" وحلفائها من جهة أخرى .
وقد دَوَّن المؤرخ ثوقيديدس Thucydides أحداث الحرب وحواراتها في كتابه (تاريخ الحرب البيلوبونسية) ، وهو كتاب رائع ودقيق يُدرس اليوم في كليات العلوم السياسية وفصول العلاقات الدولية .
ولعل أبرز فصل دَوَّنه ثوقيديدس هو الحوار الذي دار بين قادة جيش أثينا وشيوخ جزيرة "ميلوس" ، وهي جزيرة صغيرة في بحر اليونان ، كانت محايدة لم تشترك في الحرب رغم أن سكانها ينحدرون من نسل الأسبرطيين .
وسأسرد لك سيدي القارئ هذه التحفة الكلامية ... وأتمنى منك متفضلاً أن تتأمل الحجج المنطقية التي فيها ، وتتصور أنك من شيوخ جزيرة ميلوس . ( أناديك هيركوليس مو سيدي القارئ 😛 )
الأثينيون : نحن لن نُرهق أسماعكم بخطاب طويل نزعم فيه أننا نستحق امبراطوريتنا ، أو أننا محقون في الهجوم عليكم لأن استقلالكم خطر علينا ، وإن فعلنا فلن تصدقونا على أي حال ، وبالمقابل فإننا نرجو أن لا تُثقلوا أسماعنا بخطاب تبينون فيه أنكم لم تعادونا ولم تخطئوا في حقنا وتذكروننا فيه بأنكم لن تعينوا الأسبرطيين علينا رغم أنهم أنسابكم وأبناء عمومتكم .. فلا جدوى من ذلك ، وإنكم بلا شك تعلمون كما نعلم نحن أن العدل لا يجري إلا بين طرفين متساويين في القوة .. أما بين قوي وضعيف فالقوي يصنع ما يختار والضعيف يعاني ما هو مضطر إليه ومجبر عليه .. فيا أهل ميلوس إما الاستسلام والخضوع إلينا ، أو فإننا لن نبقي رجلاً على الجزيرة إلا قتلناه .
الميليون : كما تشاءون لن نكلمكم عن الحق بل عن المنفعة .. إننا لا نرى نافعاً لنا ولا لكم أن تهدموا الضمانة المشتركة التي تحمينا وتحميكم وهي العدالة والالتجاء للحق في وجه الخطر .. فهو الضامن لنا ولكم ، وإن في ذلك مصلحة في مقبل الأيام ، فلا بُدَّ من يوم تكونون فيه أضعف من عداكم ، فحينئذ ستلجؤون للعدل يحميكم ، وإلا فإن سقوطكم وانتقام عداكم منكم سيدعكم عبرة لمن يعتبر من الأمم .
الأثينيون : إن نهاية امبراطوريتنا إذا قُدَّرَ لها أن تنتهي يوماً ما لا تُخيفنا ، فإن امبراطورة منافسة ومساوية لنا في القوة كأسبرطة إذا انتصرت علينا لن تعامل المهزومين بالقسوة التي يتعامل بها الأتباع الثائرون على سادتهم .. وإن ما ندعوكم إليه من الإذعان هو في مصلحتكم كما هو في مصلحتنا ، لأنكم تنجون بالتسليم لنا من القتل .
الميليون : فأنتم لا تقبلون منا أن نبقى على الحياد بينكم وبين أسبرطة وتبقى العلاقة بيننا ودية فلا تؤذونا ولا نؤذيكم ؟!
الأثينيون : كلا ... لأن عداوتكم لن تؤذينا بقدر ما تؤذينا صداقتكم ... إذ أن صداقتكم مع بقاء استقلالكم ستُظهرنا ضعفاء أمام أتباعنا والخاضعين لنا من أهل الجزر الأخرى وقد يثورون علينا .
الميليون : طلبتم ألا نكلمكم بالحق والظلم بل بالنفع والضرر ... ولكن الحجتين كثيراً ما يلتقيان .. أفلا ترون ضرراً عليكم في ظلمكم لنا .. إنكم تعتدون علينا ونحن محايدون .. لذا سيخاف كل محايد سوانا على نفسه فيعاديكم .. إنكم تكثرون أعداءكم بالهجوم علينا وتزيدون من الأخطار المحدقة بكم .
الأثينيون : أما أهل البر فلن يحاربونا لانشغالهم عنا بغيرنا .. أما أهل البحر من المحايدين فهم مملوئون منا رعباً وسيزيدهم ما سيجري عليكم ... أين هي الجزر الصغيرة المحايدة أو الخاضعة لنا والتي سيجن أهلها ويعادوننا لأننا حاربناكم ؟!!!!!
الميليون : فإن كنتم تقهرون الناس إلى هذا الحد .. فلماذا لا نقاتلكم كي لا نصبح منهم ولماذا لا ندافع عن حريتنا واستقلالنا ؟
الأثينيون : لأنكم أضعف ونحن أقوى .
الميليون : لكننا نعلم أن الأقدار ربما نصرت الضعيف على القوي .
الأثينيون : آآآآه الأمل ... ذلك الوهم الذي يجعل الخطر مريحاً .. ويقنع الناس بآجالهم .. إنما الأمل فضيلة في الأقوياء ورذيلة في الضعفاء .. ستُعرفكم الأقدار بأنفسها حين تصبح دياركم خراباً ، لا تكونوا كالجهال من العامة حين يخذلهم ما يرونه من هذا العالم المادي فيلجؤون إلى ما لا يرون من الغيب يرجون منه النصر .. كالنبوءات والرؤى وغيرها من الاختراعات والأوهام التي تؤخذ الناس حتوفهم والبلدان إلى دمارها .
الميليون : تأكدوا أننا نعلم الفرق بيننا في القوة .. لكننا لم نزل مؤمنين بأن الآلهة ربما نظرت إلينا بعين العطف والرأفة إذ لسنا إلا أناس يدفعون الظلم عن أنفسهم .. ثم إننا نتوقع سنداً من أسبرطة وحلفائها .. إن لم يكن لروابط الدم والأخوة بيننا فلمعاداتكم .. لذلك فأملنا هذا الذي تسخرون منه ليس جنوناً بالكامل .
الأثينيون : آمنوا بالآلهة ما شئتم .. أما الأسبرطيون فإنهم لن ينصروكم إلا إن وجدوا في نصركم منفعة لهم .. وأنتم أضعف من أن تنفعوهم .. وهم جيش بر ... وأنتم أهل جزيرة ونحن سادة البحر نحاصركم ونحول بينهم وبينكم .. فكيف تتأملون أن يجوزوا البحر إليكم ونحن فيه؟! وإن ظننتم أنهم سينصرونكم ويعرضون أنفسهم للأخطار في أعالي البحار للأخوة بينكم أو أنفاً من العار .. فإننا نبارك لكم سذاجتكم .
الميليون : بل سوف ينصروننا .. لكي يثق أتباعهم وحلفاؤهم في سائر بلاد اليونان بحمايتهم وسوف يهاجمونكم من البر وسوف يبعثون لنا غيرهم من حلفائهم من أهل البحر .
الأثينيون : إننا نتعجب منكم !!! .. لقد خضتم هذه المفاوضات لتنقذوا بلدكم من الخراب .. وإلى الآن لم تقولوا شيئاً ينقذكم .. أقوى حججكم اعتماد على الأمل وعلى المستقبل وعلى غيركم .. كم مرة قلتم سوف وسوف وسوف ... سيفعلون وسيفعلون وسيفعلون ... يا أهل ميلوس نحن هنا الآن !!! ونفعل ما نفعل الآن .. انظروا إلى أسطولنا في البحر هو أمامكم الآن .. فلا تأخذكم الحمية .. فالحمية غمامة على أعين الناس تعميهم عن الخطر وتقودهم إلى الهاوية .. فلا تأنفوا من التسليم لنا ونحن أعظم مدينة في اليونان .. إنما نخيركم بين الأمن والحرب .. فإياكم والعمى .. إننا سوف نغادر هذه المفاوضات وننتظر ردكم .
لقد اختار أهل ميلوس الحرب .. إلا أن أملهم كان وهماً ، فلم ينصرهم الأسبرطيون ، أما الأثينيون فقد قتلوا كل رجل في ميلوس واستعبدوا النساء والأطفال ، وأتوا بأناس من أثينا ليستوطنوا الجزيرة . ( كلو ضرب ضرب إيييييه هو مافيش شتيمه 😛 )
ما رأيك بحجج شيوخ ميلوس ... هل كان أملهم منطقياً أو أنه وهم يحاول أن يرتدي زي العقل ؟
إن الأمل يا سيدي هو ذاك الدافع الذي يجعلك تستيقظ كل يوم من فراشك لتخوض معترك الحياة ، شعورك بأن هناك شيء ما جيد قد تستطيع فعله وسيجني نفعاً ... إنه المحرك الذي يجعلك تقوم بالكثير من الأعمال في حياتك .
لكنَّ الأمل فكرة وليس رجاء ، إنه شيء يجب أن يُبنى على المنطق لا أمنيات ، وهذا ما لا يدركه البعض فيصبح أمله وهماً ساماً منفصلاً عن الحقيقة يُفسد حياته عوضاً عن إصلاحها .
ولا تظنن أننا - وبكل سهولة - نستطيع التفريق بين الأمل والوهم ، فالتائه في الصحراء لن يُفرق بين الواحة والسراب وسيُلاحق كُلاً منهما ، تماماً كما حدث مع أهل ميلوس ، فعندما حاصرهم الأثينيون ولم يبقى أمامهم سوى ذل الاستسلام ... لم يفرقوا حينها بين الوهم والأمل .
صحيح أن الأثينيين كانوا متعجرفين مختالين بقدرتهم إلا إنهم كانوا واقعيين ... على عكس أهل ميلوس الذين اعتمدوا على غيرهم في أملهم ... فقُتلوا .
لأنه يا سيدي أحياناً يكون من الصعب مواجهة الواقع إذ أنه مرير لا يسهل تجرعه ، فنختار وهم الأمل لأنه أخف وطأة على أنفسنا ، أو لأنه محبب إلينا أكثر من الواقع .... لكنه يبقى وهماً لا يسمن ولا يغني من الجوع .
عندما تفتح مشروعاً تجارياً دون دراسة جدوى ، ويبدأ بالانهيار وتكبد الخسائر ، قد يُحدثك الأمل أنك الأمور ستصبح أجمل في المستقبل وأنك ستعوض تلك الخسائر ... لكن الأمنية شيء والحياة شيء آخر .
مهما لمع في عينيك الربح والأموال التي ستجنيها لا بُـدَّ أن تترك وهم الأمل خلف ظهرك وتعترف بالفشل وتغلق المشروع ، فعدم اتباعك المنطق في إنشاء المشروع (دراسة الجدوى) لن ينقذه وهم الأمل عند تكبد الخسائر .
فالأمل الحقيقي هو أن تدرس السوق وتنجح في الإنتاج والتسويق ثم تنتظر متأملاً الأرباح .
إن جُلَّ آلامنا التي تتخلخل حياتنا خلفها وهم الأمل ... في علاقاتنا الاجتماعية ، فالأزواج مثلاً قد تفشل حياتهم الأسرية ، إلا أنهم لا يختارون الطلاق حلاً ، بل يتعلقون في اكمال الحياة رغم كل ما فيها من سُمِّية على أمل أن الأمور ستتحسن يوماً ما ، فالاعتراف بالفشل والتقصير وسوء الفِعال أمر يتطلب شجاعة وطاقة نفسية ... لذا يختار الدماغ التعلل بالحجية الواهية ويستلطف بها عوضاً عن ذلك ... وعلى هذا قِس ما سواه من خيبات .
أحياناً يحول الوهم بينك وبين اتخاذك لخطوات حقيقية نحو الإنجاز ، فعندما يظن دماغك أنه من السهل القيام بهذا سيُؤخره لأجل غير مسمى وستقضي الأيام حالماً كأنك حققته وحصدت نتائجه .
وإليك هذه التجربة من كتاب اختبار المارشملو "The Marshmallow test" .
أتى علماء الأعصاب بمجموعتين من المتطوعين ، الأولى لديهم أهداف يظنون أنهم قادرين على تحقيقها لكن يؤجلون ذلك ، أو ليس لديهم أهداف أصلاً لكن يعتقدون أن حياتهم ستكون أجمل في قادم الأيام .
المجموعة الثانية لديهم أهداف ويسعون فعلياً لتحقيقها ولو بخطوات بسيطة .
طلب العلماء من كِلا المجموعتين أن يفكروا في أنفسهم الآن ، وفي أنفسهم في المستقبل ، ويفكروا أيضاً في شخص آخر مقرب إليهم ، وكانوا يراقبون أدمغتهم من خلال أشعة FMRI ليسجلوا حركة الدماغ وشكله .
المجموعة الأولى كان شكل أدمغتهم يختلف عند التفكير بحاضرهم عن شكله عند تفكيرهم بمستقبلهم ، لكن شكل تفكيرهم بالمستقبل يتشابه كلياً عند تفكيرهم بالشخص الآخر القريب منهم .
أما المجموعة الثانية كان شكل الدماغ عند التفكير في الحاضر يتشابه مع شكله عند التفكير في المستقبل ، ولكنه يختلف جذرياً عن شكله عند التفكير في الشخص الآخر .
وهذا يعني أن الأشخاص المتأملين وهماً والذين يخلو واقعهم من خطة واضحة لتحقيق الهدف يفصلون بين أنفسهم الآن وأنفسهم في المستقبل ، وكأن مستقبلهم شخص آخر لا يرتبط بما هم عليه الآن ... وهذا غير منطقي البتة ، فوهم الأمل يدعونا لتخيل الحياة وجمالها لو تحقق الهدف ... لكنه لن يدفعنا لأي شيء ملموس ولا لخطوات على ميدان الواقع .
بينما الذين بنو آمالهم المستقبلية على خطوات ملموسة اليوم يرون أنفسهم في المستقبل كجزء من أنفسهم اليوم ، وليس هناك ما لا يخضع للمنطق والتخطيط ... وهذا هو الأمل الحقيقي الذي يجب أن يدفعنا للتحرك.
لذا سيدي القارئ ... راقب دماغك .. قد يخدعك ويخلط لك الأمل بالوهم ، فإن دعاك أملك للتحرك بمنطقية وعقل نحو ما تريد ، فهذا أمل جدير بالاستناد عليه ، أما إن كان الأمل يزين لك الحياة مستقبلاً ويعِدُك بالنجاح دون أن يُقدم لك حجة منطقية أو خطوة ملموسة على أرض الواقع ... فهذا مجرد وهم سيُردي بك .. تماماً كما فعل بأهل ميلوس .
لا يوجد شيء اسمه "المستقبل" ... ففي كل ثانية تمر علينا نقتطع جزءاً من المستقبل ونجعله ماضياً ، هناك شيء اسمه الآن ... افعله الآن ... فكر به الآن ... واجه نفسك الآن ... خذ بيدها الآن نحو القرار الصائب ... فوهم الأمل يقول لك هناك مستقبل استرح الآن .
إن الحياة قاسية نصرت المتعجرفين من أهل أثينا على المظلومين من أهل ميلوس ... فلا تتأمل عدلها فهو وهم أيضاً .
لو كنت من أهل ميلوس لسلمت في بادئ الأمر لجيش أثينا ... ثم نظمت صفوفي وحلفائي لاسترداد استقلالي . (قديم بالحروب يا عزيزي 😛)

بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
كم مره خنت فيها شعورك وأبديت إعجابك بأشياء لا تستحسنها؟ في عام 1897م اندلعت حرب بين الدولة العثمانية واليونان وكانت محط اهتمام الطبقة السياسية والنخب العليا، أما عوام الناس فكان "كُـلّا يدعي في الهوى وصل ليلى" والكل يريد الحديث عن هذه الحرب الطاحنة والتظاهر بالاهتمام كي يوحي للآخرين امتيازه الثقافي. إبان الحرب زارت بعض النسوة من الطبقة المخملية بيت الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي كان برفقة زميله الكاتب مكسيم غوركي، وسألنه عن رأيه حول هذه الحرب، فجلس يتأملهن... يرى وجوهاً بلهاء لا تعي المآسي التي تُخلفها الحروب، يتظاهرن بالاهتمام، فأجابهم بكل هدوء أن السلام هي النتيجة المرجحة لهذا الصراع. لم تكن تلك الإجابة التي يردن سماعها، فضغطن عليه كي يخبرهم أي الطرفين مرشح للفوز، فأجابهم بكل بساطة والابتسامة تملأ وجهه: "أعتقد أن الأقوى هو من سيفوز"، فزاد ضغطهن عليه ليُخبرهم من هو الطرف الأقوى، فقال "لا أشك أن الطرف الذي يحصل على تغذية أفضل وتعليم أفضل هو الأقوى". فسألنه بإلحاح "أي من طرفي الحرب تفضله شخصياً عن الآخر؟"، فقال بوجه مشرق: "سيداتي أنا أُفضل مربى البرتقال... هي تفضيلي الشخصي، هل تفضلونها أنتن" اندفعن بكل حماس للحوار عن المربى ونكهاتهن المفضلة، موضحات معرفتهن الواسعة بطرق تحضيرها، فكشفن اهتمامهن الحقيقي بالطعام بدلاً من التظاهر السابق بالانخراط في الخطاب السياسي، أما هو فكان يشاركهن الحوار بكل أريحية وسعادة. وما إن انتهين من جلستهن واستعدوا للمغادرة وَعَـدنَ تشيخوف بإرسال هبات سخية من مربى البرتقال، وشكرنه على حسن حواره ولطافة خطابه، فقد سُعدن حقاً بذلك، وبعد أن غادرن أثنى زميله غوركي على حواره معهن، فضحك تشيخوف وقال: "ما كان عليهن التظاهر... من الأفضل لكل إنسان أن يتحدث لغته الخاصة". فهل تتفق مع تشيخوف... أن على كل إنسان ترك التظاهر وأن يكون مخلصاً لما في داخله؟ لا شك أنك في وقت ما حاولت كبت مشاعرك وعدم إظهارها للآخرين، أو لعلك -وأرجو أن أكون مخطئاً- أبديت مشاعر زائفة لا تترجم ما في قلبك، ولو عدت في ذاكرتك واسترجعت سبب قيامك بذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو احترام مشاعر الآخرين، أو الحصول على مشاعر إيجابية منهم كالثقة أو المودة أو التعاطف. وأود بكل سعادة أن أزف لك البشرى... محاولتك لم تجدي نفعاً، لا تحاول تكرارها أرجوك، فمهما حاولت التمثيل والتظاهر بغير ما تشعر به فمن المرجح أنك ستحصل على نتيجة عكسية. أولاً إن تظاهرت سيُكشف أمرك.... إن أدمغتنا نحن البشر تمتلك قدرة جيدة على التفريق بين المشاعر الزائفة والحقيقية، فحتى الأطفال الرضع قادرين على ذلك بشكل رائع، ففي دراسة نفسية نُشرت عام 2015 في مجلة The Official Journal of the International Society on Infant Studies أظهر باحثو علم النفس من جامعة كونكورديا أن الرضع في وقت مبكر من العمر -18 شهراً- يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت مشاعر الشخص حقيقية ومبررة أم لا. فكان الأطفال عندما يرون أحد أقاربهم تنكسر إحدى أدواته ثم يتظاهر بالحزن كانوا لا يبدون أي تعاطف معه، بينما القريب الذي يتعرض لذات الموقف وتبدو عليه مشاعر حزن حقيقية كان الأطفال يتعاطفون معه ويحاولون ببراءتهم التخفيف عنه. هل تـتذكر آخر موقف حاول أحدهم التظاهر أمامك بمشاعر زائفة، وكنت تعلم في قرارة نفسك أن مشاعره غير صادقة، هل تتذكر كيف كان الأمر واضحاً لك بينما يظن هو أن تمثيله جيد؟ حسناً الأمر ينطبق عليك كذلك، لست ممثلاً بارعاً.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ١٢ يوليو ٢٠٢٤
ماذا لو اختفيت اليوم من الحياة... هل سيتأثر المحيطون بك؟ هل سينقص الحياة شيء؟ بعد يومٍ مرهق من العمل كانت جالساً في غرفتي شارد الذهن، فسمعت صوت أمي تسأل من في المنزل عني "هل ما زال هاشم موجود أم خرج؟"، فتسللت إلى ذهني حينها مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، لذا أردت الخروج من غرفتي لأخبر أمي ممازحاً أنني كنت هنا أفكر فإذاً أنا موجود. لكن أمي شتت أفكاري ودمرت ما تبقى سليماً من عصبونات دماغي ولم تذر لي أي باقية من صلابتي النفسية، إذ سمعتها تقول لمن سألتهم "هاشم موجود فهذا نعاله عند باب الغرفة.... هاشم تعال وارمي أكياس الزبالة". آه يا سيدي القارئ... لا أخفيك السر... لقد كانت صعقة نفسية، إذ كان دليل وجودي نعال.... وحاجتها مني أكياس القمامة لا أكثر. لست مفكراً... ولكن السؤال الذي سهر معي تلك الليلة هو " إلى أي مدى أنا مهم ومطلوب ومُلاحظ ومؤثر في هذه الحياة؟!" وأظنه سؤال يراود الكثير من الناس أحياناً، وليس سؤالاً فلسفياً أو ترفاً فكرياً، بل إن لجوابه أثر نفسي ينعكس علينا وعلى صحتنا ومشاعرنا... وهذا ما أود الحديث عنه في كلماتي اليسيرة هذه. نحن كبشر لن نقول لمن سألنا "كيف حالك؟" - أشعر اليوم بالأهمية شكراً لك.، ولكن هذا الشعور قد يجعلك تشعر بخير فعلاً. الاحساس بهذا الشعور لا يتطلب نيل جائزة نوبل للسلام، بل يكفي أن تكون مؤثراً بحياة الناس من حولك أو بمحيطك الذي تعيش فيه، وكلما كنت مطلوباً وملاحظاً ومؤثراً أكثر كلما زاد اعتقادك بأهمية وجودك. وعندما تكون بمنظورك ذا أثر وأهمية سترى ذاتك بنوع من التقدير والاحترام، مما ينعكس على شعورك بالإيجاب، وهذه النظرة للذات لا تـتعلق بالغرور وتفضيل النفس على الآخرين، بل تعني استثمار نقاط قوتك وأحاسيسك لأجل الحياة ومن فيها. إن حب ترك بصمة على الحياة فطرة نولد عليها وتخالج أنفسنا إلى حين الممات، وهذا ما أكده أستاذ الفلسفة وعلم النفس كارل جروس Karl Gross عندما كتب نظرية قَـيّـمة حول لعب الأطفال، قال فيها: إن الأطفال الصغار يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعتقدون أنهم مؤثرين في العالم من حولهم، فالطفل مثلاً عندما يمسك دمية ويضغطها لتخرج صوتاً يضحك كثيراً، ليس لأن الصوت مضحك بل لأنه شعر بتأثيره في الواقع، ويكرر العملية ليعيد نشوة متعة الإنجاز وأهمية وجوده، والطفل الذي يُحرم من اللعب أو يلعب مراراً ويفشل بالتأثير على الواقع يشعر بانزعاج الكبير، بل لربما يتقوقع على نفسه ويتشوه نفسياً فيكون ضعيف الشخصية مستقبلاً غير مهيأ للإنجاز. وهناك بحث أجراه الدكتور إلين لانجر من جامعة هارفارد على مجموعتين من كبار السن نزلاء دار رعاية المسنين، أعطوهم جميعاً بعض النباتات التي ستزين غرف جلوسهم ونومهم وممرات الدار، وأخبر الدكتور إلين المجموعة الأولى أنهم المسؤولون عن إبقاء النباتات على قيد الحياة والعناية بها ورعايتها لتضفي المزيد من الجمال والمنظر الصحي للدار، بينما أخبر المجموعة الثانية أن النباتات لهم ولكن موظفو الدار هم من سيعتنون بها. بعد 18 شهر من الاهتمام بالنباتات والتأثير بالمنظر الصحي لدار الرعاية كان ضعف عدد نزلاء المجموعة الأولى على قيد الحياة مقارنة بالمجموعة الثانية. أي أن الشعور بالتأثير على الحياة وما يحيط بنا يجعلنا أفضل سواء على الناحية الصحية أو الشعورية أو حتى على بناء الشخصية. وفي بحث رائع نُشر أمس -وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال- وجد الباحثان في مجال علم الأعصاب المعرفي روبرت تشافيز وتود هيثرتون أن التقييم الإيجابي لأهمية الذات واحترام الذات يكمنان في ذات المنطقة في الدماغ، فكلاهما في المسار الجبهي للدماغ والذي يربط قشرة الفص الجبهي الإنسي بالمخطط البطني، أي هما وجهان لعملة واحدة، وكلما كان تقدير الذات أفضل كلما تحسن أداء هذا المسار عصبياً، والمهم هنا أن قوة هذا المسار تُحسن مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، والذي هو حتماً يؤثر على المزاج العام ويقلل القلق، بل ويمنع خطر الإصابة بعدة أنواع من الاضطرابات العاطفية والنفسية كالاكتئاب وانعدام الشهية أو فرط تناول الطعام. وكتبا في البحث أن الأشخاص الذي يكون لديهم هدف نبيل يتعلق بالتأثير في الحياة والناس من حولهم يرتفع لديهم الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين وهي ناقلات عصبية تتحكم في الحالة المزاجية والحركة والتحفيز والتي يسمونها عادة "ثلاثية السعادة"، أي كلما كنت نبيلاً في تأثيرك فيمن حولك زادت سعادتك وتقديرك للذات. للتبسيط... ولكي أخرجك من دهاليز الدماغ هذه أقول إن احترام الذات من خلال الشعور بأهميتها يمنحها صلابة نفسية وثقة في النفس وسعادة تقيك من التكدر العاطفي والنفسي. وختاماً... هناك لَبسٌ يجب التنويه عليه، يخلط الكثير من الناس بين احترام الذات وتقديرها وأشياء أخرى لا علاقة لها بالاحترام أساساً، فمثلاً يظن البعض أن الاحترام والتقدير للذات يعني أن الإنسان يجب أن يوفر لنفسه كل متع الحياة طولاً وعرضاً، فيأكل كل ما تشتهيه نفسه ويشتري ما يحب كتقدير للنفس، وهذا خطأ، بل إن من الحيوانية أن يجعل الإنسان نفسه مسخاً يطلق العنان لرغباته، فوحدها الحيوانات التي لا تراعي سوى شهواتها وما تستلذ به، بينما الإنسان من المفترض أن يكون لديه قيم ومبادئ وتضحيات، وإلا فما فرقه عن الحيوان؟!! وكما ذكرت سابقاً ليس هناك أي ربط من قريب ولا بعيد بين الغرور وبين تقدير الذات، فالأفضلية تعني المزيد من المسؤولية اتجاه الحياة ومن فيها، بينما النظرة الفوقية على الآخرين مجرد نرجسية مرضية لا أكثر. لذا تبقى القاعدة الذهبية في أفضلية الذات والشعور بأهميتها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال فيه: "خير الناس أنفعهم للناس". أنت خير الناس ما دمت مؤثراً وهماً في منفعة الناس، وأنت مجرد مسخ لا أهمية لوجودك ما دمت منغمساً في ملذاتك.
بواسطة 288e1451-5677-4d83-8385-71f24185e9e0 ٢٤ مايو ٢٠٢٤
ليست الطيور على أشكالها تقع دوماً، ستوقعك الحياة على طيورٍ لست تَعرِفها وأشكالٍ لا تـتقبلها، وترى نفسك رغم ذلك مجبوراً عليها... وها أنا رأيتني أخوض في حوار مع جارتني في الطائرة، امرأة بريطانية، رغم أنني لست ذلك الشخص الذي يهوى الانغماس في حوارات مع الغرباء، لكن ما أحبه شيء وما ستفرضه الحياة شيء آخر. بينما أنا غارق في تركيزي أقرأ كتاباً سألتني: "لماذا على غلافه صور للدماغ؟"، أجبتها: "لأنه يشرح طريقة تفكير الإنسان ولماذا يتعصب لأفكاره"، وليتني لم أقل ذلك.... شرعت تُحدثني عن جاراتها المتحيزات لأفكارهن، وبدأت تبث شكواها منهن وكأنه مكتوب على جبهتي "تفضل واشتك إليه الحياة". حاولت بلطف أن أنهي الحوار، ونصحتها بالنسخة الإنجليزية من الكتاب، ففيه كيفية التعامل معهن... إلا أنها واصلت الثرثرة واستمرت في النميمة، تـتحدث وتحاول أن تضع تفاصيلاً تظنها مثيرة للمستمع، بينما قلبي متملل تكاد تسمع شتائمه من خلف أضلاعه لولا باقية أدب حياء. وبعد أن مَـنَّ الله عليَّ بسكوتها... تسلل إلى ذهني سؤال "لماذا يثرثر الناس عن الناس ويمارسون النميمة؟!"، وهذا ما أود أن أحدثك عنه سيدي القارئ. في بادئ الأمر عليك أن تعرف أن النميمة تصرف بشري اجتماعي متأصل فينا. لو سألت أي إنسان عن النميمة (الحش)، فهو غالباً ما سيذمها ويعتبرها فعل سيء، لكن الجميع تقريباً يفعل ذلك، ففي دراسة للدكتورة آنا ماريوت Anna Marriott لاحظت ودرست فيها السلوك البشري، وجدت أن البشر يميلون بشدة للنميمة، فوفقاً للدراسة كان الذكور يقضون -في المتوسط- 55% من وقت حديثهم في النميمة، بينما النساء 67% -في المتوسط-. وفي بحث مميزة للدكتورة الرائعة Xiaozhe Peng نُشر عام 2015م، درست فيه من خلال أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (FMRI) أدمغة المتطوعين أثناء خوضهم في النميمة سواء بأصدقائهم أو بالمشاهير أو بالناس عموماً، وقد أظهرت الأشعة نشاطاً أكبر في قشرة الفص الجبهي من أدمغتهم، وهي ذات المنطقة التي تمنحنا القدرة على ممارسة السلوكيات الاجتماعية المعقدة والاندماج مع المجموعة. أي أن الدماغ يرى النميمة فعل يُقربك ممن حولك ويدمجك مع المجتمع، وعلقت الدكتورة Xiaozhe على هذه النقطة قائلة "إن النميمة مرتبطة برغبتنا في أن ينظر الآخرون إلينا بشكل جيد ويتقبلوننا فنتأقلم اجتماعياً، بصرف النظر عما إذا كان هذا سيتحقق فعلاً ويعكس ما نشعر به أو ينقلب السحر على الساحر وينظروا لنا بسوء". ولو استرجعت ذاكرتك سيدي القارئ في آخر حواراتك الشيّقة مع أصدقائك، لا شك أنك ستـتذكر أن من أمتع أجزاء حديثكم هو ذلك الجزء الذي تحدثتم فيه عن الآخرين... أليس كذلك يا حمامة السلام؟ 😁 والصدمة ليس فيما فات من البحث... مهلاً، كشفت أشعة الدماغ أن النواة المتكئة وبقية نظام المكافأة في الدماغ ينشط ويستجاب للنميمة -وبالأخص التي نتحدث فيها حول المشاهير-، بل كان نظام المكافأة في الدماغ ينشط أثناء النميمة أكثر مما ينشط في حال الاستماع لحديث الناس عنك بالخير. وإن كنت لا تعرف نظام المكافأة هذا... فهو ذات النظام الذي ينشط عند ممارستك الجنس أو أكلك لطعام لذيذ بعد جوع أو كسبك مبلغ من المال، وهنا الصدمة... هكذا يستلذ دماغك بالنميمة. ولكن صبراً... حتى وإن كانت النميمة متأصلة فينا فهذا لا يعني من قريب أو بعيد أنها تدل على الاستقرار النفسي أو أنها شيء طبيعي. أثبتت العديد من البحوث أن الأشخاص الذي يقضون جزءاً من محادثاتهم اليومية في النميمة -وبالأخص السلبية منها- يعانون بالفعل من تدني احترام الذات.... فليس هناك أتعس من أن يشغل المرء وقته ببؤس الآخرين. في دراسة لدكتورة علم النفس جيني كولي Jenny Cole طلبت من 140 مشاركاً كتابة وصف إيجابي أو سلبي حول شخصية عامة عرضتها عليهم، ثم قامت باختبارٍ وجلسةٍ نفسية لقياس مدى احترامهم لذواتهم، ورأت أن الأشخاص الذي كتبوا وصفاً سلبياً كانوا يعانون من احتقار للذات. وفي ذات الدراسة طلبت من 112 آخرين أن يكتبوا وصفاً عن شخص ما يعرفونه تماماً، ثم اختبرتهم نفسياً أيضاً، ورأت الدكتورة جيني أن الأشخاص الذي كتبوا نميمةً سلبية في أقاربهم أو أصدقائهم المقربون يعانون بشدة ملحوظة من تدني احترام الذات.... وهذا لا يدع مجالاً للشك بأن الخوض في النميمة مرتبط تماماً بتدني احترامنا لأنفسنا. أضف لذلك أن خوضك في النميمة -التي ستلتذ بها- قد يكون أحياناً محاولة لهروبك من نقاشات جدية عليك طرحها لحل مشاكلك العالقة. في دراسة لجامعة Northwestern University درس القائمون عليها أكثر من 100 من الأزواج، وخلصت الدراسة أن الأزواج الذين يميلون للتحدث عن الأزواج الآخرين وكيف يديرون حياتهم غالباً ما تكون حياتهم الزوجية سيئة تـتخلـلها العديد من الخلافات، وتكون هذه الحوارات طريقة لتجنب حوارات ستنتهي بالعصبية والقيل والقال والفشل في معالجة مشاكلهم الفعلية واختلاف وجهات نظرهم. وكما تقول السياسية الأمريكية البارزة إليانور روزفلت: "العقول العظيمة تُناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تتحدث عن الأحداث، والحمقى يتكلمون عن الأشخاص". ولكن ليس التحدث عن الآخرين سيء بشكل مطلق، فأحياناً تنبيه المجتمع من سوء أحدهم هو إصلاح وخير للمجتمع، كتوعية الناس من عمليات نصب مالي يقوم بها أحدهم مثلاً. بل قد تكون النميمة في أحدهم وسيلة لتوعيته ومحاولة لهدايته بعد أن يتم اقصاءه مجتمعياً ويرى كراهية الناس له نظراً لسلوكه المشين، ففي دراسة للبروفيسور ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg أحضر مجموعة من المشاركين للمختبر للقيام بلعبة ما، وتم تقسيم المشاركين لمجموعات، وفي اللعبة كان لدى كل واحد من أعضاء المجموعة مبلغ من المال، وإما يحتفظ به لنفسه أو يتبرع بجزء منه أو كله لصندوق المجموعة، التي إن خسرت اللعبة سيتبخر المال، وإن كسبت اللعبة سيتضاعـف المبلغ ثم يتم تقسيمه مرة أخرى بالتساوي على أعضاء المجموعة، ويستطيع كل فرد من المجموعة معرفة المبلغ الذي تبرع به الآخرون، ويستطيعون في كل مرة يلعبون بها القيام بتصويت وطرد فرد من المجموعة. كانت النميمة التي يقوم بها أفراد المجموعة قبل كل لعبة مفيدة إذ أنها وضحت للآخرين من هو الأناني وبالتالي نبذوه وصوتوا لطرده، ثم زاد التعاون والتضحية فيما بينهم وبالتالي كسبوا المزيد من المال. أضف لذلك أن الأنانيون الذي تم طردهم والحاقهم بمجموعة أخرى تغير سلوكهم وأصبحوا أكثر تعاوناً وتضحية للمجموعة الجديدة. وأرجو ألا يستغل الإنسان النمام هذه الدراسة عذراً لنميمته ويخرج بهيئة المصلح، فالله جل علاه يطلع على شخصيته ونيته الحقيقية لا التي ينظر لها الناس. وفي الإسلام عشرات الأحاديث التي تقدح في النمام وتـتوعده بالعقاب، فعن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتُبعد عن الله وعن الناس". ويقول عليه السلام في موضع آخر: "محرمة الجنة على العيابين المشائين بالنميمة". لذا قبل أن يخوض أحدهم في حديث سلبي عن الآخرين عليه أن يسأل نفسه بإنصاف وصدق/ هل ستساعد هذه النميمة الآخرين حقاً وتوعيهم ونيتي فيها الخير؟ هل أقوم بهذا الحديث بدافع الحقد أو الحسد أو العداء أو تسلية المستمعين ببؤس الآخرين؟ هل لا أملك خياراً آخر سوى النميمة؟ وهل هي ضرورية الآن؟ كيف سأشعر لو شارك أحدهم هذه المعلومات والحوارات عني أنا؟ والأجوبة ستدعوك لإكمال الثرثرة من عدمها، فـفن عدم النميمة الدال على احترام الذات هو الذكاء في معرفة متى يجب أن تشارك هذا الحوار ومع من ولماذا؟ والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. وليس هناك أروع من أن يترك الإنسان النميمة ويتحدث عن الأفكار.... مهلاً... كأني ابتدأت المقال بنميمة عن جارتي في الطائرة.... من الواضح أني لست حمامة سلام 😜، حسناً نيتي خيرة وأنتم لا تعلمون من هي. 😁
بقية المقالات
Share by: